مسلسل الاغتيالات يعود من جديد إلى واجهة الأحداث الميدانية في الشمال السوري وخاصة في محافظة إدلب، بعد أن طالت تلك العمليات عدد من الشخصيات العسكرية والمدنية.
وبدأت حوادث الاغتيال منذ يوم الخميس (26 نيسان/أبريل) الحالي، في حين لم يتم التوصل إلى الأطراف التي تقف وراء تلك العمليات التي أدت إلى مقتل 18 شخصًا في حصيلة غير نهاية وفق مصادر محلية، الأمر الذي أثار قلق الشارع الإدلبي وسط حالة من الترقب الحذر باتت تلقي بظلالها على تلك المنطقة.
وتتزامن موجة عمليات الاغتيال مع توصل “جبهة تحرير سوريا” و”هيئة تحرير الشام”، الثلاثاء الماضي، إلى اتفاق يقضي بوقف دائم ونهائي للمواجهات الدائرة فيما بينهما منذ نحو شهرين.
وحول تلك التطورات الأمنية المتلاحقة أعرب الكاتب والمحلل السياسي الدكتور “مأمون سيد عيسى” ابن مدينة إدلب والمنسق الطبي لمنظمة “عطاء الخيرية” بين تركيا وسوريا، عن اعتقاده بأن “هذه الاغتيالات وفي هذه الظروف بالذات، ما هي إلا مشروع فتنة يقف وراءه نظام الأسد، الذي لا يريد للمنطقة الاستقرار والهدوء، بل خلق حالة من الفوضى العارمة في كافة المناطق المحررة”
وأضاف أن “هذا الأمر هو بمثابة دعوة لخيار العودة إلى حضن النظام، وأن من يخرج عليه ستكون هكذا حياته قلاقل وانعدام للأمن، وهي بنفس الوقت نتيجة منطقية للإدارة السيئة للمناطق المحررة من قبل الفصائل”.
واستبعد: سيد عيسى” أن يكون للأمر علاقة بتصفية حسابات ربما في صفوف تلك الأطراف التي وقعّت على اتفاق دائم لوقف الاقتتال، أو أن تحمل تلك العمليات طابعًا انتقامي أو أن تندرج في إطارات أخرى، وقال:” لا أظن أن لها علاقة لأن اكتشاف أي علاقة لفصيل باغتيال كوادر منه سيجلب محاولة انتقام معاكسة في استهداف كوادره”.
وعن الدوافع التي تقف وراء الجهات التي تقوم بهذه العمليات في الشمال السوري عامةً وفي محافظة إدلب خاصةً والمستفيد الرئيسي منها أوضح “سيد عيسى” أن “المستفيد هو النظام وروسيا وحيث يوجد طابور خامس داخل المناطق المحررة” مشيرًا إلى أن الدافع من وراء تلك الاغتيالات هو لخلق الفتنة والبلبلة واضعاف المناطق المحررة، وقد تكون كردٍ على اتفاق هيئة تحرير الشام مع جبهة تحرير سوريا الذي أوقف الاقتتال بينهما لتحريض الاقتتال من جديد”.
ورجّح الكاتب والمحلل السياسي أن “تكون روسيا والنظام وراء عمليات الاغتيال التي تشهدها مناطق الشمال السوري”، مرجعًا سبب ذلك إلى أن “من تم اغتيالهم ليسوا من الجهاديين، بل كانوا مزيجًا متعددًا من الشخصيات القياديّة ورجال الأعمال والناشطين الثوريين وقادة فصائل للجيش الحر”، على حد وصفه.
وتحدث “سيد عيسى” عن عدد من الإجراءات الاحترازية التي من الضروري اتباعها وتنفيذها لضبط الأمن والأمان في عموم محافظة إدلب، مشدداً على ضرورة إنارة الشوارع الرئيسة في المناطق عبر تخصيص محولة “أمبيرات” خاصة لها، كما يجب منع عمليات بيع السلاح في المحلات، ويجب وضع لوحات للسيارات والدراجات النارية، كما يجب التدقيق في هوية القادمين إلى المناطق المحررة ممن جاؤوا من المناطق التي تم تهجيرها”.
ورأى أنه من الضروري كذلك، منع السيارات والدراجات من الدخول للمناطق المزدحمة، معتبرًا أنه “من الأفضل منع دخولها للمدن والقرى واستخدام وسائل عامة للنقل داخل المناطق المأهولة”، لافتًا إلى أنه “على رغم وجود صعوبات في ذلك إلا أن الأمن مهم مثل الأوكسجين”.
ولفت الانتباه، إلى ضرورة منع ارتداء “اللثام” ومنع ظاهرة سيارات “الفيميه”، يضاف إلى ذلك “ضرورة العمل على إنشاء منظومة أمنية بالتعاون بين جميع الفصائل ريثما يتم إيجاد حل للمنطقة”.
وفي رد منه على سؤال حول السيناريوهات التي تنتظر محافظة إدلب في ظل تلك التطورات الميدانية والدولية التي تشهدها الساحة السورية، أجاب “سيد عيسى” إنه “من الملاحظ تبلور أربع مناطق في سوريا، أحدها هو إقليم الشمال الذي يتكون من مناطق ريف حماة وإدلب وحلب المحررة، ولكن هنالك ملفات يجب حلها قبل تكريس هذا الخِيار والحديث يطول في ذلك”.