حذر عدد من الناشطين المحليين في ريف دير الزور من حرمان مئات الأطفال القاطنين في المخيمات العشوائية المنتشرة في ريف دير الزور من حقهم في التعليم، وخاصةً مع تدني مستوى الخدمات المقدمة لهم من المنظمات الدولية والمحلية المتواجدة في المنطقة، بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية التي يعاني منها ذووهم في ظل ارتفاع الأسعار وانتشار البطالة وغياب فرص العمل الحقيقية لهم وتدني الأجور وغيرها من العوامل الاقتصادية.
حيث يعيش مئات الأطفال مع عائلاتهم في ثماني مخيمات عشوائية منتشرة في ريف دير الزور أكبرها مخيم “أبو خشب ومخيم المقبرة ومخيمات محيميدة والعتال والصبحة والشحيل”، والتي تفتقر جميعها، كحال بقية المخيمات المنتشرة في شمال شرق سوريا، لأدنى الخدمات الأساسية من مياه نظيفة وكهرباء وصرف صحي وغيرها، مما شكل عبئًا كبيرًا على قاطنيها ما دفعهم للتخلي بشكل شبه كلي عن فكرة تعليم أطفالهم وتفضيل زجهم في سوق العمل لمساعدتهم في تأمين قوت يومهم.
مراسل منصة SY24 في ريف دير الزور قال إن عشرات الأطفال في مخيم أبو خشب، الذي يدخل ضمن المخيمات الرسمية وتديره “الإدارة الذاتية”، باتوا مهددين بحرمانهم بشكل كامل من التعليم بسبب غياب المؤسسات التعليمية عن المخيم وعدم قيام إدارته بافتتاح مدرسة أو مركز تعليمي داخله، ما اضطر عشرات الأطفال للمسير لأكثر من 4 كم يوميًا للذهاب إلى المدارس الموجودة في بلدة أبو خشب، والتي لا تستطيع أن تستوعب عددًا كبيرًا من الطلاب في آن واحد.
المراسل أكد، نقلاً عن مصادر محلية، توقف الدعم عن عدد كبير من المخيمات العشوائية المنتشرة في ريف دير الزور الغربي والشرقي بشكل شبه كامل، وخاصةً فيما يتعلق بتوفير القرطاسية والمستلزمات الأساسية للتعليم من كتب ودفاتر ومنح مالية ومساعدات غذائية للأطفال دون سن الـ 15، ما يهدد بحرمان المئات منهم من حقهم في التعليم.
“سعيد”، 44 سنة، من أبناء بلدة موحسن ومقيم في إحدى المخيمات العشوائية المنتشرة في ريف دير الزور، ذكر أن “الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعانون منه دفعه كغيره من الآباء للتوقف عن إرسال أطفاله إلى المدارس، وخاصةً أنها تبعد مسافة كبيرة عن المخيم الذي يعيش فيه مع عائلته المكونة من 7 أفراد، كما أنه بات غير قادر على تحمل تكلفة تعليم جميع أطفاله دفعة واحدة”، على حد وصفه.
وفي حديثه مع مراسل منصة SY24 في ريف دير الزور قال:” نعيش في هذا المخيم منذ أكثر من 6 سنوات ونعاني من العديد من الصعوبات، ولكن بعد توقف معظم المنظمات المحلية والدولية عن تقديم المساعدات الغذائية والعينية بات من الصعب علينا تحمل تكلفة تعليم أطفالنا على نفقتنا، ولهذا فإن قرار سحبهم من المدارس لم يكن اختيارياً بل كان إجبارياً علينا، ولهذا في حال إعادة هذه المساعدات وافتتاح مدارس ومراكز تعليمية داخل المخيمات فإننا سنعيدهم إلى الدراسة مجدداً”.
وأضاف أن “هناك محاولات للعديد من السكان المحليين لمساعدة الأطفال في المخيمات وذلك عبر تقديم مبادرات خاصة بهم لتعليمهم القراءة والكتابة وأسس الحساب داخل منازلهم أو في المساجد وحلقات تعليم القرآن الكريم، الأمر الذي يساعد في تخفيض نسبة الأمية بين الأطفال وحثهم على تقبل العملية التعليمية في حال عادت مجدداً إلى المخيمات العشوائية”.
ويذكر أن العملية التعليمية في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرق سوريا تعاني من إهمال كبير من قبل المسؤولين عن المنطقة، وذلك بسبب عدم قيام مؤسسات “الإدارة الذاتية” بإعادة تأهيل معظم المدارس المدمرة، واستمرار “قوات سوريا الديمقراطية” باحتلال عدد من هذه المدارس وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومنع الطلاب من الذهاب إليها وخاصةً عقب الأحداث الأخيرة التي شهدها ريف دير الزور، بالإضافة إلى توقف المنظمات الدولية والمحلية عن تقديم المساعدات الغذائية واللوجستية لقاطني المخيمات العشوائية المنتشرة في ريف دير الزور.
