استأنفت عدة منظمات تابعة للأمم المتحدة نشاطها في مدينة دير الزور بهدف تحسين الخدمات المقدمة للأهالي، وخاصة فيما يتعلق بإعادة تأهيل بعض المنازل والمحال التجارية التي تعود لعائلات غير قادرة على ترميمها بعد أن تدمرت بفعل القصف الذي طالها من قبل قوات النظام خلال فترة سيطرة المعارضة السورية وتنظيم داعش عليها.
عملية إعادة إعمار وتأهيل المنازل والمحال التجارية تركزت في أحياء الجبيلة والموظفين والشيخ يس والحميدية بالإضافة إلى الشارع العام شارع التكايا وسينما فؤاد، حيث تم “تسليم قرابة 150 منزل ومركز تجميع للنازحين واللاجئين في المدينة، وتزويدها بكافة المستلزمات الأساسية والضرورية وتوفير وظائف لعدد من الشباب العاطلين عن العمل”.
غير أن الأهالي اشتكوا من قيام هذه المنظمات بـ “التحيز” في توزيع المساعدات الإنسانية والغذائية على الأهالي أو إعادة تأهيل منازلهم ومحالهم التجارية، وذلك عبر استخدام بعض العائلات نفوذها لدى الأجهزة الأمنية وقيامهم بالضغط على تلك المنظمات للاستفادة من تلك المساعدات، ناهيك عن الفساد والمحسوبية لدى موظفيها المحليين الذي استغلوا مناصبهم للحصول على مبالغ مالية ضخمة مقابل تقديم الخدمات لبعض العائلات.
مراسل منصة SY24 في دير الزور أكد أن معظم المنازل التي تم إعادة تأهيلها من قبل المنظمات الأممية تقع في حيي القصور والفيلات، وهي أحياء كانت تحت سيطرة قوات النظام طوال السنوات الماضية ولم تتعرض لأي قصف أو عمليات عسكرية بعكس بقية الأحياء التي وصلت نسبة الدمار فيها لأكثر من 90%، ما أثار حالة من الغضب والاستياء لدى المواطنين.
المراسل أشار إلى أن المنازل التي تم إعادة تأهيلها تعود معظمها المسؤولين في حكومة النظام أو قادة في الميليشيات المسلحة الموالية لها أو بعض الأشخاص النافذين والمقربين من حكومة النظام، فيما تم تأهيل منازل بعض الأشخاص الذين دفعوا رشاوى مالية كبيرة لموظفي تلك المنظمات مقابل تقديم خدماتهم.
الواسطة والفساد لدى موظفي المنظمات المحلية التي تتلقى الدعم من الأمم المتحدة حرمت عددًا كبيرًا من المواطنين المحتاجين لتلك المساعدات، بالإضافة إلى رفض مسؤولي المنظمات استقبال شكاوي الأهالي وطردهم من أمام مقراتها في أكثر من مناسبة مستعينين بعناصر من الأجهزة الأمنية والميليشيات المسلحة، الذين هددوا المعترضين بالاعتقال في حال استمرارهم باتهام موظفي المنظمات بالفساد.
“أم محمد”، اسم مستعار لسيدة من سكان حي الحميدية في دير الزور، ذكرت أن “موظفي إحدى المنظمات المحلية زاروا منزلها أكثر من مرة وأجروا عدة تقييمات ووعدها بالعودة مرة أخرى لإعادة تأهيله وتوفير بعض الأثاث والمساعدات الغذائية، كون العائلة لا تملك أي معيل بعد مقتل رب الأسرة خلال قصف نفذته قوات النظام على الحي قبل عدة سنوات”، على حد وصفها.
وفي حديثها مع مراسل منصة SY24 قالت: “جاء موظفو إحدى المنظمات إلى منزلي قبل سنة ونصف وقاموا بتقييمه على أنه من المنازل التي سيتم إعادة تأهيلها في المنطقة بسبب الظروف الصعبة التي أعاني منها، ولكن بعد عدة أشهر اكتشفت أن ذات المنظمة باشرت بعملية تأهيل منزل لشخص مقيم في حي القصور الذي لم يتعرض لأي قصف، كون صاحب المنزل هو قريب لأحد موظفي المنظمة”.
وأضافت “لست وحدي من تعرض للظلم على يد موظفي المنظمات العاملة في المدينة، فهناك عدد كبير من الأسر التي تعاني ظروفاً مادية ومعيشية صعبة وتم تصنيفها على أنها من الأسر المحتاجة للمساعدات بشكل عاجل، ومع هذا لم يتم تقديم أي مساعدة أو دعم لها كونها لا تملك أي واسطة أو نفوذ كحال بقية العائلات المستفيدة”.
والجدير بالذكر أن مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات الموالية لها، تعاني من تفشي ظاهرة الفساد والمحسوبية بين موظفي المنظمات المحلية والدولية العاملة في المدينة ناهيك عن الفساد لدى موظفي المؤسسات التابعة للنظام، ما أثر بشكل مباشر على الأهالي الذين اضطر معظمهم لدفع رشاوي لهؤلاء الموظفين للحصول على حقوقهم من المساعدات الغذائية والإنسانية التي من المفترض أن تقدم لهم بالمجان.