تُقبل عدد من الشابات الجامعيات والمعلمات في الشمال السوري على تقديم دورات المتابعة التعليمية، والدروس الخصوصية وفقاً لاختصاصاتهم الدراسية، كفرصة عمل محدودة ضمن منازلهن، بهدف تأمين دخل بسيط لهن وسط قلة فرص العمل، وانتشار البطالة وسوء الوضع المعيشي والاقتصادي في مدينة إدلب.
بالوقت نفسه، تلجأ أمهات كثر إلى البحث عن دورات تعليمية مشتركة ضمن المنزل، لتقوية ورفع مستوى أبنائهم الدراسي، ولاسيما في المواد المهمة مثل اللغة العربية والإنجليزية والمواد العلمية
تنشر الشابة الجامعية “تسنيم عمر” إعلاناً على مواقع التواصل الاجتماعي عن فتح دورات متابعة تعليمية، و بأجور “رمزية” حسب وصفها، تستهدف الطلاب من الصف الأول إلى الصف الرابع، تزامناً مع انطلاق الموسم الدراسي، ويتضمن إعلانها الموقع ورقم تواصل ومدة الدورة التعليمية.
“أم مجد ” واحدة من الأمهات اللواتي تبحث عن معلمة متابعة لطفليها تكون قريبة من منزلها في حي الضبط بمدينة إدلب، بسبب انشغالها في وظيفتها بإحدى المنظمات، والتزامها بوقت دوام طويل، بحيث لا يمكنها تعليمهم في المنزل ومتابعة واجباتهم المدرسية كما أخبرتنا.
تقول في حديثها إلينا، إنها “تعتمد في كل عام على معلمة متابعة تساعد أولادها في رفع مستواهم الدراسي من خلال متابعة دروسهم أول بأول، والمساهمة في حل الوظائف وتبسيط المناهج لهم لجميع المواد كونهم لا يزالون في المرحلة الإبتدائية مقابل أجرة معينة تدفعها الأم شهرياً أو بشكل أسبوعي حسب الاتفاق”.
وتختلف الأقساط للدروس الخصوصية حسب المادة والمرحلة التعليمية وخبرة المعلمة، وتتراوح بشكل تقريبي بين 150 _200 ليرة شهرياً بمعدل ساعتين يومياً عن الطالب الواحد للمرحلة الابتدائية مع عطلة يومي الخميس والجمعة. وتشمل الدورة التعليمية إعادة الدروس للطالب وشرحها، ومساعدته في حفظها، والتركيز على تلخيص الدرس الهامة للمذكرات الفصلية، إضافة إلى مراجعة للدروس اليومية.
تقول “نورة محمود” معلمة اللغة العربية، مهجرة من ريف دمشق الى الشمال السوري، إنها تعمل في مجال الدرس الخصوصية ودورات المتابعة منذ عدة سنوات، بعد صعوبة حصولها على فرصة عمل دائمة في المدارس بمدينة إدلب، لتلجأ إلى فكرة التدريس في المنزل وإعطاء الدورات التعليمية والمتابعة بشكل منظم بحيث تخلق فرصة عمل لها من داخل منزلها وضمن اختصاصها.
تخبرنا أن أسلوبها التدريسي لاقى قبولاً ورضى عند كثير من أهالي الطلاب الذين قامت بتعليمهم، أقل إذ تستقبل يومياً عدداً من الطلاب على فترات معينة بمختلف المستويات، وفق تنظيم ووقت محدد، مقابل أجرة شهرية تساعدها في تأمين مصروفها.
كذلك تعمل خريجات كثر لم تتمكن من الحصول على فرصة عمل في المدارس العامة أو الخاصة، في تدريس الطلاب منزلياً كحال المعلمة “نورة” ومنهن من تركز على عدد قليل من الطلاب لذات الصف والمرحلة، ومنهن من تلتزم بطالب واحد ويكون أجرته أعلى على مبدأ الدروس الخصوصية وهذه تتميز بأنها قد تكون مرة واحدة في الأسبوع.
يعاني المعلمون/ات في محافظة إدلب من عام في الشمال السوري، من قلة الدعم وتدني الرواتب الشهرية، ومنهم من يعمل إلى اليوم بشكل تطوعي، في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها الأهالي في الداخل السوري، جعل كثيراً منهم يهجرون المهنة إلى مهن أخرى
إذ يعد قطاع التعليم في الشمال السوري من أكثر القطاعات تأثراً في سنوات الحرب، وسبق أن خرج عدد كبير من المدارس عن الخدمة، بسبب القصف الذي طالها بشكل جزئي أو كلي، فيما بقيت المدارس العامة في المنطقة تعمل بشكل تطوعي، دون دعم باستثناء المرحلة الأولى، ما جعل عدد آخر من المدارس تغلق أبوابها لذات الأسباب،حيث تعرضت عدة مدارس في مدينة إدلب إلى الإغلاق بسبب إهمال قطاع التعليم العام من قبل حكومة الإنقاذ التي باتت عاجزة عن تحسين وضع المعلمين ودفع رواتبهم، ما جعل كثير منهم يتخلون عن المهنة لصالح مهن أخرى.