يعاني الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في مخيمات إدلب شمال سوريا ظروفاً صعبة، وسط انعدام التأقلم مع الوضع الحالي منذ سنوات، في بيئة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، وتزداد هذه المعاناة لدى فئة الأطفال إذ تشكل تفاصيل الحياة اليومية أمراً بالغ الصعوبة عند هذه الفئة الضعيفة، ويظهر تأثير المعاناة عليهم نفسياً وجسدياً، مع قلة الدعم والاهتمام بهم بشكل عام
حيث تركت الحرب وأيام القصف ندوباً قاسية على أجساد الأطفال، فمنهم من عانى من بتر الأطراف أو الشلل نتيجة الإصابات بالشظايا، ومنهم ولد بمرض خلقي رافقه في حياته، وجميع هذه الفئات تحتاج إلى رعاية من نوع خاص وبيئة آمنة وصحية للعيش بسلام، حسب قول المرشدة النفسية “ربا جحا” التي أكدت لنا أن غياب الجهات التي تهتم بشؤون الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة في المخيمات زادت من سوء وضعهم وصولهم إلى مرحلة التعافي النفسي.
إذ تغيب مراكز العلاج أو التعليم الخاص بهم في معظم المخيمات، وتقتصر على عدد قليل من مراكز العلاج الفيزيائي، إذ تتركز معظمها في المدن الرئيسية، تقول “رجاء كنيساوي”معالجة فيزيائية في ريف إدلب، إن “الأطفال والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة أو مبتوري الأطراف، ومصابي الزلزال هم بحاجة ماسة لمتابعة العلاج، إلا أن بعد المراكز أو ندرتها ساهمت في تأخر علاجهم أو متابعة وضعهم الصحي ولاسيما في المخيمات المتطرفة والبعيدة”.
وتضيف أن الأشخاص المصابين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة يحتاجون إلى طرقات معبدة، مخصصة لهم، تخلو من المطبات أو التعرجات والمرتفعات، وإضافة إلى وجود دورات مياه مجهزة بشكل صحيح، تتناسب مع وضعهم، وهذا ما لا توفره المخيمات في المنطقة.
وهذا مايبدو واضحاً على الطفل “وسام” ذو العشر سنوات، الذي يعيش مع والدته أشقائه الأربعة في مخيم بمنطقة كفر لوسين شمال إدلب، إذ يبقى حبيس كرسيه المتحرك داخل خيمتهم الصغيرة، بعد أن تعرض لشظية في ظهره قبل أعوام جعلته مقعداً، وتسببت له بشلل في الأطراف، حرمه من المشي والحركة والعيش بشكل طبيعي كبقية الأطفال.
تقول والدته في حديث خاص إلينا: إن “الوضع في محيطه لا يسمح له بالتجول في كرسيه والترويح عن نفسه، لو الخروج للعب مع باقي الأطفال، أو الذهاب للمدرسة، كما أن وعورة الطريق تزيد من صعوبة ذلك، وسط غياب كبير للمنظمات التي تعنى بشؤونهم، أو تخصيص بعض الخدمات لهم”.
و تشكو لنا وضع الخيمة التي تسكنها العائلة، فهي لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف، تزيد الطرقات الموحلة في الشتاء من صعوبة الناس الأصحاء فكيف بالمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة كحال الطفل “وسام”.
تقول المرشدة النفسية، من خلال معاينتها الوضع عن قرب خلال عملها مع أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المخيمات، إن “الحرب كانت السبب الأول في زيادة عدد الأشخاص المصابين بإعاقات دائمة، قسم كبير منهم من الأطفال، وتراوحت إصاباتهم بين البتر، والعمى، والشلل، ويعيشون وضعاً مأساوياً كبيراً في المخيمات، سببه الإهمال والتهميش، ونقص الدعم من قبل المنظمات الإنسانية، فضلاً عن النقص في الغذاء والمياه والخدمات اليومية.