تأثير ارتفاع أسعار مواد التدفئة: سكان الشمال يتجهون نحو بدائل غير صحية

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

يشكل تأمين مواد التدفئة لدى الأهالي في الشمال السوري أبرز تحديات الشتاء، حيث ترتفع أسعار مختلف المواد سواء المازوت أو الحطب أو الفحم أو قشر اللوزيات الذي يستخدم كثيراً في التدفئة بالمنطقة، فيما يبقى قسم كبير من الأهالي عاجزاً عن تأمين أي منها، ويعتمد على بدائل خطيرة وغير صحية في سبيل الحصول على القليل من الدفء، وسط تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية بشكل عام لغالبية السكان في المنطقة.

يقول “أبو سعيد” نازح من ريف إدلب الجنوبي إلى دير حسان شمال إدلب، في حديثه إلينا: إن “هذه الأسعار المرتفعة التي لا تناسب دخل المواطن، جعلته يشتري قشر الفستق أول بأول بدلاً من شراء كمية كبيرة دفعة واحدة”، وحاله يشابه حال مئات آلاف العوائل في الشمال السوري

يختلف حال قاطني المخيمات الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية والإغاثية، لعجزهم عن تأمين مواد التدفئة لعوائلهم، إلى أن ضعف الاستجابة وتقليل كمية المساعدات الإنسانية الفترة الأخيرة زادت من معاناتهم هذا الشتاء بشكل واضح، ولاسيما الأرامل الذين لا معيل لهن.

“أم مصطفى البدوي” واحدة منهم، أرملة تقيم مع أطفالها في مخيمات أطمة تقول لنا، إنها “غير قادرة على شراء المحروقات أو أي نوع من مواد التدفئة، وتنتظر المساعدة المقدمة من منظمات الإغاثة  حالها كحال آلاف العائلات في المنطقة”.

وعليه فقد شهدت أسواق مواد التدفئة في محافظة إدلب هذا العام إقبالًا خجولاً على الشراء، بسبب ارتفاع أسعارها بشكل مضاعف مقارنة بالعام الماضي، وكان الأهالي قد اعتادوا على شراء كميات كبيرة سواء من الحطب أو قشور اللوزيات، أو البيرين” تفل الزيتون”  غير أن هذه العام ليس كما قبله، وبات الاعتماد على وسائل بديلة أمراً ضرورياً حسب من التقيناهم من الأهالي.

اشترى “أبو محمود” المقيم في بلدة نحليّا قرب أريحا، يوم أمس سيارة مليئة بأغصان الزيتون، لاستخدامها بالتدفئة، بسعر رخيص مقارنة بأسعار باقي المواد إلا أنه حسب قوله لاتكفي عدة أيام وتحترق بسرعة في المدفأة وتحتاج معها قطع من الحطب الكبيرة وهذا ما عجز الرجل الثلاثيني عن شرائه هذه الأيام الباردة.

كذلك يلجأ كثير من السكان إلى استخدام النايلون والبلاستيك والأحذية القديمة، والأقمشة البالية، بدلاً من  الحطب والمازوت المخصص للتدفئة، رغم معرفتهم بأضرار تلك المواد الضارة على صحتهم وصحة أطفالهم، والتي تتسبب بانتشار الأمراض المزمنة والتنفسية جراء استنشاق الغازات الناتجة عنها.

بالعودة إلى أسعار مواد التدفئة حسب ما رصدته منصة

 SY24 في الأسواق، فقد وصل سعر طن البندق نوع الأول 168 بينما وصل سعر طن قشر الفستق نوع أول أيضاً إلى 228 دولار،وتراوح سعر طن البيرين حسب جودته ودرجة جفافه ما بين 145 _170 دولار، بينما بلغ سعر برميل المازوت من النوعية المتوسطة قرابة 160 دولار، وتحتاج الأسرة بشكل وسطي إلى برميلين للتدفئة كامل الشتاء أي ما يعادل 320 دولار وهذا ما يعجز عنه أغلب الأهالي في المنطقة.

وبالنسبة للحطب الواحدة يصل استهلاك الأسرة خلال فصل الشتاء كمية كبيرة تصل ما بين 2 و3 طن، وتختلف التكلفة حسب نوع وجودة الحطب وكونه يابس أو رطب، إذ يبلغ سعر طن الحطب اليابس بين 120 _150دولار ، وطن الحطب الرطب (الأخضر) بين 100_110 دولار.

وفي ذات السياق أصدر فريق “منسقو استجابة سوريا” اليوم بياناً يحذر من الوضع الكارثي لكثير من العائلات في الشمال السوري، تزامناً مع دخول فصل الشتاء، وذكر أن 94 بالمئة من العائلات شمال غرب سوريا غير قادرة على تأمين مواد التدفئة هذا العام، كما أن 79 بالمئة من النازحين لم يحصلوا العام الماضي على إمدادات التدفئة وتحديداً ضمن المخيمات.

وقال البيان: إن “67 بالمئة من العائلات في شمال غرب سوريا تسعى إلى تخفيض الاحتياجات الأساسية وخاصةً الغذاء في محاولة يائسة للحصول على التدفئة، مؤكداً أن  أسعارها ارتفعت مقارنة بالعام الماضي بنسبة 120 بالمئة كنسبة وسطية لمواد التدفئة المختلفة”.

يذكر أنه في كل عام يفتح فصل الشتاء معاناة متجددة لمئات الآلاف من المدنيين في محافظة إدلب وريفها، ومناطق المخيمات التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، بالوقت الذي يسكن في المنطقة حوالي أربعة ملايين شخص، نصفهم يقطنون في المخيمات.

مقالات ذات صلة