بدأت الآثار السلبية للوضع الاقتصادي السيئ الذي يعاني منه أغلب سكان مدينة الرقة شرقي سوريا بالظهور على السطح، وخاصةً مع ارتفاع نسبة تسرب الأطفال من المدارس و اضطرار عدد كبير منهم للدخول في سوق العمل في محاولة منهم لمساعدة عائلاتهم على تأمين المستلزمات الأساسية من غذاء ودواء.
حيث اضطر عدد كبير من الأطفال إلى العمل في مهنة التسول في أسواق وشوارع مدينة الرقة في ظاهرة حديثة جداً على المجتمع في المدينة، الأمر الذي تسبب بالعديد من المشاكل الخطيرة وخاصةً بالنسبة للأطفال وذلك بعد أن ارتفعت نسبة المتعاطين للمخدرات والمشروبات الكحولية فيما بينهم، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الجرائم المرتكبة من قبلهم وبالذات تلك المتعلقة بالسرقة والتعدي بالضرب أو إتلاف الممتلكات الخاصة والعامة.
مراسل منصة SY24 في مدينة الرقة أكد أن ظاهرة تسول الأطفال باتت تؤرق بال الأهالي وخاصةً أصحاب المحال التجارية والمطاعم المنتشرة في سوق المدينة مع اضطرارهم للتعامل مع أكثر من مئتي طفل يومياً يعملون على إزعاج الزبائن والتحرش بالمارة، وإجبارهم في بعض الأحيان على إعطائهم الأموال والمساعدات مقابل التوقف عن ملاحقتهم، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الحركة في السوق المحلية.
المراسل أكد، نقلاً عن مصادر في مجلس الرقة المدني، أن دوريات الضابطة والبلدية وقوى الأمن الداخلي “الأسايش” باتت تتعامل بشكل حازم مع ظاهرة تسول الأطفال وخاصةً الذين لم تتجاوز أعمارهم سن السادسة من العمر، وقامت بتوقيف عدد كبير منهم وإحالة ذويهم إلى القضاء للتحقيق معهم في الأسباب التي دفعتهم لإجبار أطفالهم على التسول.
“مها الحسن”، ناشطة مدنية من اهالي مدينة الرقة، أكدت أن “ظاهرة تسول الأطفال هي من النتائج السلبية للوضع الاقتصادي الراهن الذي تعاني منه معظم العائلات في المدينة، ناهيك عن غياب المعيل عن الأسرة واتجاه عدد كبير من الأطفال إلى المبيت في الشوارع وتعاطيهم المخدرات وغير ذلك من الأسباب التي زادت من معدلات هذه الظاهرة الخطرة والمزعجة في المدينة”، على حد وصفها.
وفي حديثها مع مراسل منصة SY24 قالت:” هناك عدد كبير من الأطفال الذين اتخذوا التسول مهنة لهم وذلك عبر تقاسمهم الأحياء والشوارع الرئيسية فيما بينهم وطرد أي طفل يحاول اقتحام مناطق تسولهم، فيما يعمل بعض الأطفال على بيع منتجات رخيصة مثل العلكة والمناديل على الإشارات في طريقة جديدة للتسول دون طلب النقود من المارة”.
وأضافت:” ظاهرة التسول بحد ذاتها من الظواهر المزعجة اجتماعياً على المدينة وتؤثر على المظهر العام لها، ولكن الخطر الناجم عن آثار هذه الظاهرة هو ما يقلق وخاصةً مع ارتفاع نسبة المتعاطين للمواد المخدرة بين الأطفال، ناهيك عن زيادة واضحة في عدد الاعتداءات الجنسية والاستغلال الجنسي الذي يتعرض له هؤلاء الأطفال وخاصة الفتيات الصغيرات في السن مقابل مبالغ مالية قليلة جداً، وغير ذلك من الآثار السلبية التي باتت آثارها تظهر بشكل كبير وواضح على السطح مؤخراً”.
من جانبها، أكدت لجنة التموين التابعة لمجلس مدينة الرقة المدني استمرارها في مكافحة ظاهرة تسول الأطفال وقيامها بملاحقة كل من يقوم بإجبار هؤلاء الأطفال على العمل بهذه المهنة، وذلك عبر إطلاق دوريات في شوارع وأسواق المدينة بشكل مستمر وإيقاف المتسولين وملاحقتهم والتأكد من عدم عودتهم إلى هذه المهنة، وإحالة ذويهم للقضاء بعد توجيه تهمة تتعلق بسوء معاملة الأطفال واستغلالهم وإجبارهم على التسول ومنعهم من حقهم في التعليم.