تعتبر مشكلة انعدام الرعاية الصحية وانتشار الأمراض، إحدى أبرز المشكلات التي تواجه السكان القاطنين في مخيم الهول بريف الحسكة شرقي سوريا، خصوصاً مع حلول فصل الشتاء نظرا للأجواء المناخية الباردة جدا التي تشهدها منطقة المخيم.
خدمات طبية محدودة
ويعد مخيم الهول واحدًا من أكبر مخيمات النازحين، وقد أصبح موطنًا لآلاف الأشخاص الذين فروا من النزاعات والصراعات في سوريا والمناطق المجاورة، حيث يضم مجموعة متنوعة من الأشخاص، بما في ذلك العائلات، والنساء، والأطفال الذين يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة.
وحسب الأنباء الواردة من أبناء المنطقة الشرقية، فإن الخدمات الطبية محدودة جدًا داخل المخيم ولا تلبي الاحتياجات الطارئة والمزمنة للسكان، حيث أن العديد من الحالات الطبية الحرجة والمزمنة تبقى بدون علاج بسبب قلة الوصول إلى الخدمات الطبية ونقص الأدوية الضرورية.
كما يُلاحظ انتشارًا متزايدًا للأمراض المعدية مثل الإسهالات والتهابات الجهاز التنفسي والجلدية، في حين يشير عدد من أبناء المنطقة الشرقية، إلى أن النازحين يتعرضون لخطر انتقال الأمراض بسبب الظروف الضيقة وقلة النظافة، خاصة الأطفال والمسنين الذين يكونون أكثر عرضة للإصابة.
شبكات الصرف الصحي المكشوفة تنشر الأمراض
وفي هذا الصدد، قال الناشط أبو عبد الله الحسكاوي، ابن المنطقة الشرقية لمنصة SY24، إن هناك انتشار للأمراض وبشكل ملحوظ، مرجعا السبب إلى شبكات الصرف الصحي المكشوفة وإلى المياه الملوثة كذلك.
ولفت إلى أن من أبرز ما يعانيه القاطنون في المخيم وخاصة النساء هو شح مادة حليب الأطفال وغلاء أسعارها إن توفرت، كما تكمن المعاناة في عدم وجود أي مستوصفات أو مراكز صحية قادرة على تقديم الخدمات العلاجية لكثير من القاطنين فيه، باستثناء مركز صحي يتبع للهلال الأحمر السوري، ومراكز متفرقة تتبع لمنظمات دولية ولكنها لا تقدم ما يلزم من خدمات طبية.
ووفقا لمصادر طبية متطابقة، فإن سبب انتشار الأمراض يعود إلى عدة عوامل منها: الاكتظاظ، نقص المياه النظيفة، نقص الرعاية الصحية، في حين يعتبر نقص المياه النظيفة عاملاً مساهماً في انتشار الأمراض والأوضاع غير الصحية.
وأشارت مصادر مهتمة بملف مخيم الهول، إلى أن الوصول إلى مياه نظيفة وآمنة يعتبر تحدياً كبيرًا، كما أن الصرف الصحي يعاني من ضعف هيكلي، مما يعرض السكان لمخاطر الأمراض المنقولة بالمياه، في حين يعاني الأطفال في المخيم بشكل خاص من هذه الأمراض، لافتة إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال في المخيم يعانون من سوء التغذية، وهذا يزيد من خطر الإصابة بالأمراض.
وذكرت المصادر ذاتها، أن هناك نقص حاد في الخدمات الطبية والعناية الصحية المتاحة للسكان في المخيم، إذ أن العديد من النازحين يعانون من الأمراض المزمنة والحالات الطبية التي تتطلب عناية فورية، لكنهم يفتقرون إلى الوصول السهل إلى الرعاية الطبية والأدوية اللازمة، ما يضع حياة الكثيرين في خطر مستمر ويزيد من معاناتهم اليومية، حسب تعبيرها.
الأطفال والحوامل أكثر عرضة للأمراض
وأنذرت من أن البنية التحتية في المخيم ضعيفة للغاية، حيث يفتقر إلى البنى التحتية الصحية الأساسية، ما يجعل الأطفال والنساء الحوامل أكثر عرضة للخطر والتأثر السلبي نتيجة لهذه الظروف القاسية، وفق كلامها.
من جانبه، قال أحد أبناء المنطقة الشرقية لمنصة SY24، إن “الوضع الطبي سيء بسبب نقص الخدمات الطبية داخل المخيم، وبسبب انسحاب عدد من المنظمات وتوقفها عن العمل في المخيم”.
وتحدث أن هناك انتشار كبير للأمراض المعدية والسارية، مثل الأمراض الجلدية، والنسائية، وفقر الدم، وأمراض المعدة، والكلى، والقلبية، والسل، والتيفوئيد، مبينا أنه لا يوجد علاج لها بسبب انسحاب الكثير من المنظمات الصحية الدولية من المخيم.
ومن الأمراض الأخرى التي أشار إلى انتشارها: العدوى في مجرى الجهاز التنفسي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية، وهي أمراض شائعة بسبب سوء ظروف العيش والازدحام والتعرض للملوثات البيئية داخل المخيم، إضافة إلى الأمراض الإسهالية، التي تسبب غالبًا بالمياه الملوثة أو نقص مرافق الصرف الصحي، محذرا أنها يمكن أن تؤدي هذه العدوى إلى الجفاف ومضاعفات أخرى، خاصة بين الفئات الضعيفة مثل الأطفال وكبار السن.
ونبّه كذلك إلى الأمراض المنقولة بالحشرات، حيث تزدهر الحشرات والآفات في مثل هذه البيئات، مما يزيد من خطر الأمراض المنقولة بالحشرات مثل الملاريا والليشمانيا، كما تنتشر أمراض الجرب والالتهابات الفطرية بسبب سوء النظافة.
ولادات بطرق بدائية
وبيّن أن القاطنات في المخيم من أبرز الفئات التي تعاني من الوضع الصحي المتردي في المخيم، وخاصة أن عمليات الولادة تتم بطرق بدائية جدا، كما لظروف الحياتية الصعبة في المخيم تساهم في مشاكل صحة العقل مثل القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة بين سكانه، بحسب كلامه.
وفي السياق، تطرق المصدر أيضا إلى معاناة سكان المخيم من ظاهرة “تجارة الأدوية”، حيث باتت تلك التجارة رائجة وتقوم بها أطراف متنفذة مدعومة من إدارة المخيم.
كما تحدث المصدر كذلك عن أزمة حليب الأطفال بشكل ملحوظ، مشيراً إلى أن هناك نقص واضح في حليب الأطفال بسبب غلاء أثمانها في حال توافرها.
فصل البرد يزيد من انتشار الأمراض
ولا تقتصر المعاناة على الوضع الصحي السيء في المخيم، بل تمتد إلى المعاناة من حلول فصل الشتاء الذي تزداد الاحتياجات فيه ومن أبرزها، الحاجة إلى تبديل الخيام المهترئة بكرفانات مسبقة الصنع، من أجل حماية الأطفال وكبار السن والمرضى، يضاف إلى ذلك الحاجة إلى توفر الألبسة الشتوية والأغذية المناسبة والتدفئة، في حين يؤكد كثيرون أن البرد من العوامل التي تساعد في زيادة الأمراض مع حلول الشتاء.
ووسط كل ما ذكر، وفي ظل الأوضاع الحالية، يعيش سكان مخيم الهول تحت وطأة الأمراض وسوء الظروف الصحية، ما يتطلب الأمر تحركًا عاجلاً وجهودًا متكاملة من الجهات المعنية لتوفير الرعاية الصحية اللازمة وتحسين البنية التحتية الصحية، وضمان سلامة وصحة السكان في المخيم.