واجه مربو النحل في منطقة القلمون بريف دمشق هذا العام، صعوبات كثيرة أثرت على الإنتاج بشكل ملحوظ وتسببت في خسائر كبيرة لهم، ناهيك عن فرض الموافقات الأمنية التي حدت من تنقلهم بين عدة مناطق على مدار العام، ودفع مبالغ طائلة للحواجز العسكرية للحصول عليها، فضلاً عن تكاليف الإنتاج المرتفعة.
مراسلنا التقى النحال “أبو محمد” من أبناء القلمون، الذي كان له تجربة سيئة هذا الموسم حسب ما أخبرنا به، مقارنة بالعام الماضي، والسبب تغيرات المناخ وامتداد الهطولات المطرية لأشهر الصيف، والعواصف الهوائية التي ساهمت بشكل مباشر في تراجع إنتاج النحل، حيث كانت تتسبب بغسل رحيق الأزهار، وتحول دون قدرة النحل على التغذية، وبالتالي انخفض إنتاج الخلية الواحدة من 30 كيلو عسل سنوياً إلى بضع كليات فقط ومنها ما أنتج كيلو واحد من العسل.
“لا حلول بين يدينا” يقول “أبو محمد” إن وضع النحالين في المنطقة بشكل عام سيء للغاية ، بعد خسارة كبيرة طالت موسم العسل مع دفع تكاليف باهظة للحفاظ على الخلايا، أبرزها الأدوية للوقاية من الأمراض التي تصيب النحل، ومنها حشرة القراد التي تقتل النحل الصغير وتحتاج إلى شريحة لكل خلية كل أسبوع، لتجنب المرض، إضافة إلى تكاليف أجرة المواصلات بسبب نقل الخلايا بشكل دائم من مكان إلى آخر، تبعاً للمناخ حسب فصول السنة، وملاحقة الأزهار والمواسم الزراعية لتنتج الخلايا عسلاً بنكهات مختلفة وجودة عالية.
يخبرنا أنه نقل خلايا نحله نهاية شهر أيلول من القلمون باتجاه الغوطة، بسبب انخفاض درجات الحرارة في المناطق الجبلية الباردة التي تتسبب بموت النحل مباشرة، إلا أن تكاليف نقل النحل هذا العام ارتفعت كثيراً بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، حيث دفع هذه المرة كل مئتي ألف ليرة سورية أجرة نقل للسيارة فقط وهو ضعف المبلغ العام الماضي.
يشير في حديثه إلينا أن النحل في السابق كان يتنقل بين جميع المحافظات، تبعاً لموسم الزهر في كل منطقة، من الغوطة إلى الساحل ثم حمص والغاب وجبال القلمون وغيرها من المناطق ولم تكن التكلفة كبيرة مثل الآن، وكان الإنتاج مضاعفاً يصل لأكثر من 35 كيلو عسل من كل خلية.
ليست فقط تكاليف النقل ماتشكل عائقاً أمام مربي النحل، بل يقول أبو محمد أن الحصول على موافقات أمنية من الأمن العسكري، يحتاج مبالغ مالية عالية في كل مرة يتم فيها نقل الخلايا،ونحن مجبورين على الدفع ولا تعرضت الخلايا للمصادرة من قبل الحواجز، وقد تم اعتقال عدد من المزارعين ومربي المواشي والنحل العام الماضي بسبب ذلك.
كل هذه الصعوبات أثرت على مهنة تربية النحل وتخلى عنها كثيرون من أبناء المنطقة، إضافة إلى تعرض الخلايا إلى السرقة، إضافة إلى نقص المساحات المزروعة ومواسم المزروعات الصيفية في الحقول، وتهجير قسم كبير من السكان، وتخريب مزارعهم، إضافة إلى انتشار الميليشيات المسؤولة عن تحطيب الأشجار في المنطقة.
و تحويلها إلى مساحات جرداء قاحلة، أثرت بشكل مباشر على مهنة تربية النحل، وسببت انخفاض كبير في إنتاج العسل وتخلي عدد مربي النحل عن مهنتهم التي هي مصدر رزقهم.
من الجدير بالذكر أن سعر كيلو العسل اليوم 150 ألف ليرة سورية، فيما بلغ إنتاج سوريا قبل الحرب ما يقارب الـ 3000 طن سنوياً، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى 600 طن فقط بعد اندلاع الثورة السورية بحسب اتحاد النحالين العرب، الأمر الذي صعّب على النحالين الاعتناء بالنحل والتنقل به بين جميع المناطق التي تقع تحت سيطرة جهات ودول مختلفة في المنطقة.