“بسبب ارتفاع قيمة الإيجارات في المدينة لم أتمكن من استئجار أي محل في سوق المدينة، ولذلك فإنني مضطر لحمل بضاعتي على كتفي وبيعها في الشوارع والأزقة لكسب قوت يومي و بعرق جبيني”.
بهذه الكلمات وصف الحاج “أبو إبراهيم” ما يعانيه أثناء عمله ببيع الجوارب في شوارع مدينة الرقة في عمل مستمر منذ قرابة عشرين سنة، وسط تخوفه من استمرار عمليات الملاحقة من قبل لجنة التموين وحماية المستهلك التابعة لمجلس الرقة المدني، الأمر الذي تسبب بتوقفه عن العمل لعدة أيام متتالية ما أثر بشكل مباشر على الدخل اليومي له ولعائلته.
وفي حديثه مع مراسل منصة SY24 قال: “أعمل في بيع الجوارب في شوارع مدينة الرقة منذ أكثر من عشرين سنة، غير أني توقفت عن العمل فترة طويلة بسبب المعارك التي شهدتها المدينة، وعدت إلى العمل مجدداً منذ أربع سنوات على أمل الحصول على دخل يومي يكفيني وزوجتي التي تعيش معي في منزلنا الذي تعرض للدمار بشكل جزئي بفعل الاشتباكات”.
وأضاف “لم أستطع خلال فترات عملي الطويلة توفير أي مبلغ مالي يمكنني من استئجار محل صغير لبيع بضاعتي فيه، كما أنني تعودت أن أتنقل بين شوارع وأحياء الرقة والنداء على ما أحمله من بضاعة، كما أن أهالي المدينة والمارة تعودوا على رؤيتي في شارع تل أبيض وعند دوار النعيم”.
وتابع: “خلال الفترات الماضية تعرضت للعديد من المضايقات من لجنة التموين وحماية المستهلك والتي منعتني من مزاولة عملي وهددني موظفوها بمصادرة بضاعتي واعتقالي بتهمة مزاولة العمل بدون رخصة، ما دفعني للتوقف عن العمل بضعة أيام وحرماني وعائلتي من دخلنا اليومي الذي لا يكفينا عادةً لتأمين الطعام والشراب والدواء”.
وتشهد شوارع مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” انتشاراً واضحاً لعدد كبير من الباعة المتجولين الذين يحملون بضائعهم على ظهورهم أو على عربات خشبية بغرض بيعها في جميع شوارع وأحياء المدينة، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي الذي تعاني منه المنطقة مؤخراً.
وفي سياق متصل، طالبت عدة منظمات حقوقية وبعض الناشطين المحليين مجلس الرقة المدني بضرورة حل مشكلة الباعة المتجولين في أحياء المدينة، عبر توفير أسواق خاصة بهم وتقديم محلات تجارية صغيرة مع دعم مادي بسيط يكفيهم لبدء مشاريعهم التجارية والتوقف عن بيع منتجاتهم في الشوارع، وذلك بغرض حمايتهم وتخفيف الأعباء الصحية والنفسية المترتبة عليهم ومنع أي حالات استغلال لهم وخاصةً بين الأطفال والنساء منهم.
ويشار إلى ارتفاع كبير وواضح في أسعار إيجارات المنازل والمحلات التجارية في مدينة الرقة مؤخراً، وذلك بالتزامن مع حركة الاعمار التي تشهدها المدينة والزيادة السكانية الواضحة مع عودة عدد كبير من سكان المدينة إليها، ناهيك عن استمرار هبوط قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، وغيرها من الأسباب التي تسببت بأزمة عقارات حادة أثرت بشكل مباشر على المواطنين الذين يعانون أصلاً من ظروف معيشية صعبة.