“استغلال لظروف النازحين والمهجرين في مدينة إدلب”، بهذه الكلمات يصف “أبو أمجد” الشامي، مهجر من القلمون الغربي إلى الشمال السوري منذ سنوات، ارتفاع أسعار أجرة المنازل في المنطقة، بعد معاناة طويلة عاشها في الانتقال من منزل إلى آخر.
حيث تشهد معظم مدن إدلب وريفها ارتفاعاً جنونياً في أسعار إيجارات المنازل، دون قيام حكومة الإنقاذ التي تهيمن على المنطقة باتخاذ أي إجراء لضبط الأسعار، أو تحديد سقف معين لها، وإيجاد آلية معينة للحد من استغلال أصحاب العقارات والتحكم بالإيجار، والذي شكل عبئاً ثقيلاً على شريحة واسعة من الأهالي، وسط تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتدني مستوى الدخل لغالبية السكان.
يشكو إلينا “أبو أمجد” قلة حيلته في تأمين أجرة منزله في مدينة إدلب، والتي رفعها صاحب المنزل من 75 إلى 100 دولار، بحجة الغلاء المعيشي واعتماده على أجرة العقار في مصروفه كحال كثيرين من أصحاب المنازل، إلا أن المبلغ لعامل مياومة مثله، حسب ما أخبرنا، يعمل بأجر يومية لا تتجاوز 100 ليرة تركية، أي مايعادل 3 دولار تقريباً، أمر بالغ الصعوبة، ما جعله يبدأ رحلة بحث جديدة عن منزل آخر بأجرة أقل.
منصة SY24 رصدت أجرة المنازل في مدينة إدلب، والتي تبدأ من 75 دولار، وقد تصل إلى 200 في بعض المنازل تبعاً للمنطقة وكسوة المنزل وعدد الغرف، في الوقت الذي يعاني فيه معظم السكان من ظروف معيشية متردية وتدني مستوى الدخل الذي لا يتناسب أبداً مع الأسعار المرتفعة، وهذا ما عده كثير من الأهالي استغلالاً واضحاً لهم.
“نوران” سيدة أخرى مهجرة من ريف حلب، تسكن في مدينة إدلب منذ سنوات، تقول إنها تنقلت بين 13 منزل منذ تهجيرها إلى حد اليوم، وفي كل مرة كانت تعاني صعوبة النقل والبحث عن منزل كونها سيدة أرملة تعيل نفسها وأطفالها، تقول في حديثها إلينا : ” لم أعرف طعم الراحة منذ غادرتي منزلي في حلب، فكل ستة أشهر أو أقل أغير المنزل بناء على طلب صاحبه بحجج مختلفة أكثرها ظرافة حسب قولها “بدنا نجوز الولد” أي أنه يطلب المنزل ليسكن ابنه فيه، وهذا عكس الحقيقة وهي رفع الأجرة بطريقة غير مباشرة، أو وجود شخص يدفع أكثر”.
ليست فقط صعوبة البحث عن منزل متواجه الأهالي في إدلب، بل هناك تكاليف إضافية تثقل كاهل العوائل عند الانتقال من منزل لآخر، تقول “نوران” إن “المكتب العقاري يطلب سمسرة تعادل أجرة شهر أو نصفه، وأحياناً يطلب صاحب المنزل تأمنياً بمبلغ كبير، أو دفع ثلاثة أشهر مقدماً وهذا كله تكاليف خارج طاقة الأهالي ولاسيما ذوي الدخل المحدود”.
هذه التحديات تواجه عدداً كبيراً من الأهالي عند بحثهم عن منزل، وبسبب زيادة الطلب على المسكن، و الكثافة السكانية التي تشهدها المدينة جعلت أصحاب المنازل يتمسكون بشروط معينة، حيث يعيش في الشمال السوري حوالي أربعة ملايين نسمة، معظمهم من المهجرين والنازحين من مختلف المحافظات التي سيطر عليها النظام وهجرهم منها بعد أن دمر منازلهم بالقصف والطيران الحربي.