غياب الكهرباء عن تجمعات المخيمات في شمال غرب سوريا، جعلها تعتمد في الدرجة الأولى على أنظمة الطاقة الشمسية، كحل وحيد لتأمين الكهرباء للأهالي، إلّا أن الظروف المناخية والضبابية في الشتاء، وقصر ساعات الشمس نهاراً تحكمت في كمية الطاقة المتولدة، وبالتالي أثرت على حياتهم اليومية من ناحية الإنارة وقضاء الحاجات المنزلية مثل الغسيل وشحن الهواتف الذكية، وتشغيل وشبكة الإنترنت وغيرها من الأعمال الأخرى.
تختصر لنا المعلمة “غدير” 27 عاماً، مقيمة في مخيمات أطمة شمال إدلب، معاناتها اليومية في تنفيذ أعمال المنزل، ومتابعة عملها المدرسي، تقول: إن “كل شيء مرهون بحالة الطقس، وغياب الشمس يعني بقائهم بلا إنارة ولا شحن ولا حتى إنترنت، وبالتالي تأجيل كافة الأعمال عدة أيام إلى أن تتحسن حالة الطقس وتشمس مرة أخرى”.
إذ تتراكم الأعمال لدى كثير من السيدات سواء ربات المنازل أو الموظفات القاطنات في المخيمات والمناطق التي لم تصلها الكهرباء، بسبب اعتمادهن على الطاقة البديلة في الحصول على الكهرباء، تخبرنا” غدير” أنها تواجه صعوبات يومية في توفير الشحن والشبكة، لمتابعة التواصل مع طلابها، وإنجاز التقارير اليومية في عملها فضلاً عن انعدام الإنارة ليلاً بسبب نفاد البطاريات من الطاقة في وقت مبكر.
كذلك تواجه النساء تراكم أعمال المنزل التي تعتمد على الكهرباء أهمها الغسيل، وقد ينتظرن أياماً لتحسن حالة الطقس وإعادة شحن بطاريات الطاقة، وإنجاز أعمال المنزل اليومية، هذه المعاناة تعيشها “أم حسن” وباقي الأهالي المقيمين في مخيمات عقربات، تقول إنها “تؤجل أعمال الغسيل عدة أيام وتتراكم عليها بسبب انتظار الوقت المناسب، وتبقى طيلة فترة المساء بلا إنارة تواجه صعوبة في تدريس أطفالها بسبب ذلك”.
يوجه المهندس “أنس رحمون” خبير الأرصاد الجوية في الشمال السوري من خلال منصة SY24 عدداً من النصائح للأهالي للتعامل مع أنظمة الطاقة الشمسية في أوقات الشتاء، إذ أكد أن تشكل السحب والضباب خلال فترات الصباح تؤثر على فعالية الطاقة الشمسية، وبالتالي يجب تجنب استخدام الطاقة بهذا الوقت.
وأضاف أن النصائح البديهية التي يجب اتباعها هي تخفيف الضغط والاستهلاك على البطاريات في أوقات الضباب، أو شحن البطاريات على المولدات الكهربائية وهذه غير متوفرة لكثير من الأهالي ومكلفة أيضاً، وبالتالي يجب استغلال فترات التشميس في رفع جهد البطاريات، لتجمع الطاقة قدر الإمكان، فهناك بطاريات تحتاج إلى أكثر من يوم تشميس لاستعادة طاقتها.
إذ يعتمد الأهالي بشكل أساسي على الطاقة الشمسية كبديل عن الكهرباء، خاصة في الأرياف ومناطق المخيمات، إذ استطاعت المدن الرئيسية الكبرى في المنطقة تمديد خطوط الكهرباء منذ أكثر من عامين، وبقيت شريحة كبيرة من الأهالي تعتمد على أنظمة الطاقة البديلة، وتزداد معاناتهم خلال فصل الشتاء، مع انخفاض فعالية شحن البطاريات عبر الألواح الشمسية، بسبب غياب الشمس، ما يسبب نفاد البطاريات وزيادة استهلاكها.
يقول من تحدثنا إليهم من الأهالي: إن “طبيعة المخيمات والسكن العشوائي، وعدم تنظيم التجمعات السكنية أيضا حرمهم من الاستفادة من الكهرباء عكس المدن التي توزعت فيها الكهرباء وتغيرت حياة الأهالي بشكل كبير”.
حيث يخيم الظلام باكراً على مخيمات الشمال السوري في معظم أوقات الشتاء، وتكاد الأنوار الخافتة تغيب وسط العتمة، فلا كهرباء تنير خيامهم، ولا طاقة بديلة تعوض ذلك، وتتجدد تلك المعاناة كل شتاء دون وجود حلول متاحة أمام الأهالي.