يواجه طلاب جامعات في الشمال السوري تحديات كثيرة في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية السيئة التي تشهدها المنطقة، أبرزها التكاليف المالية المرتفعة لرسوم التسجيل ومخاوف عدم الاعتراف الأكاديمي الدولي، بالشهادات العلمية الممنوحة من الجامعات في المنطقة سواء العامة أو الخاصة، وسط مساع ملحوظة من القائمين على المؤسسات الجامعية في ذلك.
في سبيل ذلك يستمر الطلبة في متابعة تعليمهم الجامعي، متحدين جميع العقبات الأخرى التي تواجههم، مثل صعوبة الوصول إلى الجامعات بين منطقتي إدلب وريف حلب، وتحمل تكاليف السفر والتنقل.
“محمد” 22 عاماً، يسكن في جبل الأربعين بريف إدلب الجنوبي، طالب سنة خامسة في كلية المعلوماتية بجامعة إعزاز، يقول: إن “بعد المسافة بين مكان سكنه وجامعته، كل يوم يعد أمراً مرهقاً ومكلفاً لجميع الطلاب وليس له فقط، إذ يخرج من منزله قرابة الساعة الرابعة فجراً كل على دراجته النارية إلى مدينة إدلب، ثم يستقل الباص برفقة طلاب آخرين، ليصل إلى الجامعة في أعزاز بريف حلب، عند الساعة العاشرة صباحاً، يخبرنا أنه دائماً يخسر المحاضرة الأولى بسبب بعد المسافة.
حياة محمد وكثير من الطلاب عبارة عن سفر طويل، يرافقه إرهاق وتعب دائم حسب تعبيره، فهو يعود إلى منزله بعد العشاء، ولا يمكنه فعل شيء آخر سوى النوم ليستعد في اليوم التالي إلى نفس الرحلة.
يدفع محمد أجور مواصلات ومصروف شخصي كل يوم، فيقول: قرابة 250 ليرة تركية، ناهيك عن شراء المحاضرات والكتب الجامعية وغيرها من مستلزمات الدراسة.
بينما لجأ بعض الطلاب إلى طريقة أخرى، وهي إيجار منزل بالقرب من جامعتهم، للتخلص من مشقة السفر كل يوم ومعاناة المواصلات، كحال الشاب “مجد” طالب كلية الصيدلة في جامعة الشمال الخاصة بمدينة سرمدا، يحدثنا عن صعوبات السكن التي يواجهها وهو وزملائه في المنزل يقول: إنه يقيم في سكن شبابي رفقة خمسة من أصدقائه، ويذهب إلى منزل أهله في أريحا كل أسبوع مرة واحدة، يقول إنه يشتاق لطبخ والدته وتناول الطعام مع أسرته، فقد ملّ تناول المعلبات في سكنه.
وترتفع إيجارات المنازل في المناطق الحدود، والمدن المركزية مثل سرمدا، يقول: إنه “يدفع بالاشتراك مع زملائه كل شهر 100 دولار فضلا عن تكاليف أخرى مثل الكهرباء والماء والتي تصل إلى 500 ليرة تركية كل شهر، ناهيك عن المصاريف الأخرى كالطعام وشراء والكتب وقسط الجامعة”.
هذه التكاليف اليومية وسط الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والغلاء المستمر، دفعت عدداً كبيراً من طلاب الفروع الأدبية في الجامعات إلى التخلي عن الدوام، والاكتفاء بحضور الامتحان فقط.
“مروة” البالغة من العمر 28عاماً، تسكن في مدينة جسر الشغور، وهي أمٌ لثلاثة أطفال، وتدرس في كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة إدلب، تخبرنا عن سبب دراستها دون حضورها الامتحان فتقول: “أذهب إلى مكتبة الجامعة قبل الامتحان بشهر، وأشتري المحاضرات وأبدأ بالدراسة، ثم أذهب أيام الامتحان أقدم مادتي وأعود، فأنا لست قادرة على تحمل مشقة الطريق، ووضعي المادي لا يسمح بالمصاريف الزائدة”.
وبحسب ما نشرته وزارة التعليم العالي في حكومة الإنقاذ، فقد التحق أكثر من 23 ألف طالبة وطالب في جامعات الشمال السوري، منهم 18 ألف في جامعة إدلب والجامعات الخاصة، و5200 طالبة وطالب في جامعة حلب الحرة.