“سامحني يا وطني، يوم لملمت أقلامي والدفاتر ووقفت على حدودك أبحث عن ثقب كالفئران كي أغادر”.. تبدأ “آية” أولى صفحات كتابها الأول في محاولة لشرح ما كان يدور في خاطرها حين تركت وطنها وهاجرت بأقلامها وأوراقها.
“آية سرحان” 31عاماً، منفصلة ولديها طفلان، تقيم في مدينة طرابزون التركية بعد نزوحها الأخير من مدينة إدلب، تخرجت من المعهد التقاني للإعلام في جامعة إدلب، وعملت كصحفية في عدة مواقع إخبارية.
بدأت “آية” مشوارها في الكتابة منذ صغرها، حين شجعتها عمتها في ذلك عندما قرأت مقتطفات من كتاباتها فأعجبت بإبداعها، تحدثنا عن شغفها وحبها للكتابة والقراءة فتقول: “مواضيع التعبير وشرح القصائد ميزت موهبتي عن باقي زملائي، وهذا ما دفعني لأكون كاتبة”.
عاشت الشابة “آية” ظروفاً قاسية جداً خلال سنوات الثورة كآلاف السوريين في المنطقة، تروي لنا فصولاً من تلك الظروف فتقول “أصعب لحظة في حياتي عندما قُصِف منزلنا، تلك اللحظات لا يمكنني نسيانها، وكتبت قصيدة نثرية تحكي أوجاع تلك الحادثة”.
دائماً ينصح الكُتاب في القراءة المستمرة فهو سر الإبداع الكاتب ونجاحه، وهذا ما عملت عليه “آية”، فعمدت إلى قراءة الكتب الأدبية كـ (الأجنحة المتكسرة) للشاعر جبران خليل جبران، بالإضافة إلى عدة كتب أخرى للكاتب أدهم الشرقاوي أو للكاتب أحمد خالد توفيق.
لكل كاتب هدف ورسالة معينة يحاول إيصالها من خلال كتاباته، فمنهم من اهتم بالتاريخ والتراث، وبعضهم كتب عن قضايا المرأة في المجتمع العربي، وغيرهم الكثير، أمّا “آية” فقد اهتمت بقضية المرأة السورية التي تعيش ظروفاً اجتماعية سيئة، كونها تعيش في منطقة تشهد الحروب على مدار 13 عاماً، فكتبت عن نزوح المرأة في الشمال السوري وغربتها والعنف الذي تتعرض له، كما تحدثت عن مشاعرها وحب الرجل ممزوجاً بكبريائها.
واجهت الشابة عدة صعوبات قبل هجرتها إلى تركيا، وذلك بسبب ظروف الحرب التي تشهدها المنطقة، فكانت تنتظر مغادرة الطيران لأجواء منطقتها فتمسك قلمها وتكتب، تحدثنا عن جوّها المناسب الذي تحتاجه وقت الكتابة فتقول: “من المستحيل أن أكتب وصوت الطيران في أذني، فأنا أحتاج لهدوء تام إضافة إلى صوت موسيقا هادئة وفنجان قهوة حتى أستطيع الكتابة”.
احتاجت “آية” لجمع كتاباتها القديمة وأكملتها بكتابات جديدة خلال الستة أشهر الماضية، وأصدرت كتابها الأول بعنوان “أن تكوني امرأة”، وهو عبارة عن مجموعة قصائد نثرية تحكي عن المرأة والوطن ومعاناة السوريين داخل الشمال السوري.
تمكنت الكاتبة من إصدار كتابها الأول منتصف الشهر الجاري، وأصبح متوفراً في عدة دول عربية كمصر والسعودية والإمارات والأردن وفلسطين، بالإضافة إلى حضوره في معرض القاهرة الذي افتتح قبل أيام.