في بداية فصل الشتاء، تنشط حركة شراء (الفروة) في إدلب، يزداد الطلب عليها من داخل سوريا والدول التي يشيع استخدام الفروة فيها.
الفروة اسم يطلق على العباءة الرجالية الشتوية، وهي من الأزياء التقليدية في دول الخليج العربي، يلبسها الرجل فوق ملابسه، حيث تعتبر الفروة من اللباس المكمل للرجل وتكسبه الوقار والحشمة.
اشتهرت مدينة معرة النعمان جنوبي إدلب في صناعة الفروة، واهتمت في تفصيلها وتطريزها، وفي عام 2020 احتلت هذه المدينة من قبل قوات النظام وروسيا، وانتقلت هذه المهنة مع أصحابها إلى الشمال السوري.
“أبو عبدو” 52عاماً، أبٌ لأربعة أولاد يقيم في مدينة إدلب، يعمل في صناعة العباءات الرجالية بعد أن نزح من مدينته معرة النعمان، يحدثنا عن وراثته هذه المهنة أباً عن جد فيقول: “هذا مهنة أجدادي منذ أكثر من 70عاماً، وبعد نزوحي لن أتخلى عنها فهي مصدر رزقي الوحيد”.
تحتاج هذه المهنة بشكل أساسي إلى فراء الغنم والأرانب أحياناً، يشتري “أبو عبدو” صوف الغنم من مربيها أو الجزارين، ويحدثنا عن مراحل تنظيف الجلد وتجهيزه للخياطة فيقول: “أعتمد في صناعتي على فراء الخراف الصغيرة فهي ناعمة وثمنها مرتفع، أقوم أولاً بتمليح الجلد وتيبيسه، ثم أغسله وأنقعه بالماء واستخدم الملح والشبّة لتبيض لونه، ثم أتركه تحت أشعة الشمس حتى يجف، وبعد ذلك أنتقل للمرحلة الأخيرة وهي بَشْر وتليين وقص وتمشيط الجلد، ويصبح بعدها جاهز للتفصيل”.
قديماً كان لون الفروة محصوراً بالأسود، لكن مع التطور الحضاري دخلت إليها ألوان إضافية مثل اللون البني بتدرجاته والفضي والسكري والأبيض.
يواجه صُنّاع هذه المهنة صعوبات عدة أهمها: قلة اليد العاملة بسبب هجرتهم إلى خارج البلاد، ضعف إقبال السكان على شراء هذه المنتجات بسبب ارتفاع سعرها، وغلاء أقمشتها وخيوطها، بالإضافة إلى منافسة المنتجات الصناعية المعروفة بقلة جودتها ورخص ثمنها، وصعوبة تصديرها إلى دول الخليج، حسب كلام ” أبو عبدو”.
تختلف أسعار الفروة من قطعة لأخرى وذلك بحسب جودة فرائها وقماشها الخارجي وتطريزها، يخبرنا “أبو عبدو” عن أسعارها فيقول: “تتراوح أسعار القطعة بين 13 دولار و 20 دولار وذلك حسب نعومة الفرو و نوعية القماش الخارجي وتطريزها”.
اعتاد الكثير من سكان المنطقة على لبس الفروة فهي دافئة في أيام الشتاء وتمنح لابسها أناقة وحشمة، يخبرنا “أنس العلي” 36عاماً، أبٌ لثلاثة أطفال، يقيم في مدينة الدانا شمالي إدلب ويعمل على سيارة جوالة لبيع المنظفات ويرتدي الفروة طوال فترة عمله: “بسبب وجودي بشكل دائم في الشارع وتحت المطر وأيام البرد، ألبس الفروة فهي تشعرني بالدفء وتمنحني مظهراً لائقاً”.
يذكر أن الفروة كانت تستخدم قديماً لوظائف عديدة وخاصة للمسافرين الذين كانوا ينتقلون على أقدامهم، حيث كانوا يستعملونها لباساً في النهار وغطاءً في الليل، وبساطاً في أثناء الطريق، كما كانوا يتخذونها خيمة عند هبوب الرياح وسترة تخفى ما يحمله الفرد من حاجة أو متاع.