أسواق البالة.. إحدى البدائل لتأمين كسوة الشتاء شمال سوريا

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

عائلات سورية كثيرة وجدت في سوق الألبسة المستعملة، المعروفة شعبياً باسم “البالات” بديلاً مناسباً عن سوق الألبسة الجاهزة، بسبب ارتفاع أسعارها، مقابل تراجع القدرة الشرائية لغالبية السكان في الداخل السوري، مع تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي بشكل ملحوظ.

شهدت ألبسة البالة ولاسيما الأوروبية، رواجاً واسعاً في مدينة إدلب، وهناك بازارات مخصصة لعرضها وتسويقها تمتد طيلة أيام الأسبوع، في عدة أحياء حملت اسم البازار، إذ تنتشر بسطات الألبسة، والسيارات الجوالة، فضلاً عن وجود محلات كبيرة، وأكشاك صغيرة، في المنطقة، تعرض بضائعها بأسعار تناسب دخل الأهالي منها ما يبدأ بعشر ليرات تركية، ومنها مايصل إلى 200 ليرة، وبكلا الحالتين تبقى الأسعار مقبولة مقارنة بأسعار الألبسة الجاهزة.

تشكو “فاطمة ” نازحة من ريف دمشق، تقيم في إدلب، من الارتفاع الكبير في أسعار الملابس الجديدة، وصعوبة تلبية احتياجات أطفالها من تأمين كسوة الشتاء، إذ يصل سعر الجاكيت الولادي 25 دولار أي ما يعادل 750 ليرة تركية، تقول: إن “زوجها يعمل طيلة الأسبوع في ورشة دهان مقابل 700 ليرة فقط ولا قدرة لديها على شراء الألبسة الجديدة، فهي تحتاج 100 دولار لكسوة أطفالها الأربعة،لذا فلا خيار لديها سوى ألبسة البالة، وهذه حال معظم العوائل خاصة الفقراء”.

تعد أسواق “البالة” في الشمال السوري من أكثر الأسواق ارتياداً، حسب قول من تحدثنا إليهم من الأهالي ، كونها أرخص نسبياً، ولا تقتصر على الألبسة فقط، بل تتنوع المنتجات بين الأحذية وهي الأكثر طلبا في الشتاء حسب قول “عمر”، صاحب إحدى البسطات المتنقلة في البازارات، وبين ألعاب الأطفال، والأواني المنزلية، وقطع الأثاث المستعمل، مثل الستائر، والأغطية والشراشف الوسائد، وجميعها لها زبائن تفضلها عن القطع الجديدة، ربما لرخص سعرها، أو لجودتها حسب قوله.

يبيع “عمر” قطع ألعاب الأطفال، وإكسسوارات الزينة النسائية، وقطع ديكورات صغيرة للمنزل، يشتريها كلها في رزم مغلفة ومحكمة الإغلاق، ويدفع ثمنها حسب وزنها، ثم يبيع كل قطعة بسعر مناسب، يخبرنا أنه أحياناً يربح ضعف ثمنها، وأحيانا تبقى لديه قطع كثيرة غير مرغوبة، تتسبب بخسارة بسيطة، وذلك حسب السوق والحركة.

يوازن أصحاب الدخل المحدود وعمال المياومة وكثير من العوائل بين مدخولهم اليومي ومصروفهم، بحيث ينفقون حسب استطاعة كل منهم، وفق مبدأ التخلي والاستغناء، أو البحث عن بدائل أرخص وأقل تكلفة، تقول المعلمة “وئام” مقيمة في “سرمدا” شمال إدلب لمراسلتنا: إن “سعر المانطو الشتوي هذا العام وصل إلى نصف راتبها، الذي لا يتجاوز 120 دولار عام، وهي غير قادرة على شرائه وبقائها بلا مصروف طيلة الشهر، لذا تلجأ إلى محلات ألبسة البالة الأوربية، فهي حسب قولها لديها ألبسة ماركات، ذات جودة عالية، ومميزة عن باقي القطع في السوق، وسعر المانطو لا يتجاوز عشر دولارات فقط”.

إذ تجد شريحة من المواطنين السوريين في مختلف المحافظات بألبسة البالة، حلاً يتماشى مع وضعهم المعيشي في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار، بالوقت الذي أصبحت كسوة عائلة من خمس أشخاص، تتراوح بين خمسين إلى مئة دولار ثمن ملابس جديدة، ناهيك عن باقي مستلزمات الحياة.

ومن الجدير ذكره، أن الأمم المتحدة قدّرت عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90 بالمئة من إجمالي عدد سكان البلاد، مشيرةً إلى أن كثيراً منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم، ولاسيما في مناطق سيطرة النظام التي تشهد ارتفاعاً كبيراً بالأسعار وتدني في مستوى الدخل.

مقالات ذات صلة