ارتفاع تدريجي بالأسعار، يتناسب طرداً مع انخفاض قيمة الليرة التركية، المتعامل بها في مناطق الشمال السوري، أمام سعر صرف الدولار، والذي وصل اليوم إلى أكثر من 31 ليرة للدولار الواحد، ما أثر على حركة البيع والشراء وتسبب بجمود في الأسواق، وسط انخفاض الأجور وتدني مستوى الدخل لغالبية السكان في المنطقة.
مراسلة SY24 رصدت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية في مدن وبلدات محافظة إدلب، يقول “وليد عبدالله” أحد الأهالي النازحين في ريف إدلب لمنصتنا، أنه يعمل أكثر من ثماني ساعات يومياً في محمصة بمنطقة سرمدا، مقابل 120 ليرة تركية أي ما يعادل أربعة دولار فقط ، في حين يصل مصروف عائلته مع الإيجار والتدفئة قرابة 10 دولارات، ما جعله يلجأ إلى الدّين لتأمين باقي حاجات عائلته.
لا يتناسب معدل الإنفاق مع الدخل اليومي لمعظم العوائل ولاسيما عمال المياومة وذوي الدخل المحدود في الشمال السوري، وسط انخفاض أجور العمال، وعدم إلزام أرباب العمل بحد أدنى للأجور، من قبل الجهات المسؤولة، ما جعل العامل ضحية الاستغلال وقلة فرص العمل.
يقول “وليد” إنه يحتاج يومياً ربطتي خبز بقيمة 20 ليرة، ووجبة غداء بقيمة 100 ليرة، وتدفئة بـ 70 ليرة تقريباً، ناهيك عن مصاريف اضطرارية مثل الدواء، ومستلزمات المدروسة لأطفاله الثلاثة، والكسوة وغيرها من الحاجات الأساسية لأي عائلة، في حين أن أجرته اليومية لا تسد نصف هذه الاحتياجات، وهذا ما جعله غارق بالديون والعوز.
يشكل الغلاء المعيشي أبرز التحديات التي تواجه الأهالي هذه الأيام، خاصة مع زيادة أعباء مصاريف الشتاء من مواد تدفئة، وثمن أدوية باعتباره موسم الزكام والأمراض التنفسية، نتيجة انخفاض درجات الحرارة، يقول “وليد” إنه قد يستغني عن كثير من الحاجات الضرورية ولكن لا يمكنه رؤية أحد أطفاله يتألم دون أن يأخذه للطبيب ويحضر له الدواء.
وفي سياق متصل قالت مراسلتنا: إن “الوضع المعيشي والاقتصادي المتدهور في الشمال السوري تسبب بخسائر مادية كبيرة من جميع النواحي على معظم السكان، إضافة إلى تأثير الغلاء وارتفاع الأسعار على لقمة العيش ولاسيما الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود، حتى بات تأمين رغيف الخبز وكثير من المواد الغذائية والسلع الأساسية هماً يؤرّق كثيراً من الأهالي”.
إذ باتوا يعجزون عن تلبية جميع حاجاتهم الأساسية من لقمة العيش ومواد التدفئة والطعام والشراب وغيرها من الضروريات، وهذا حال السيدة الستينية “أم حمزة” مهجرة من ريف حماه إلى الشمال السوري، حيث تسكن رفقة ابنتها الأرملة وحفيدها اليتيم في أحد التجمعات السكنية في منطقة عقربات شمال إدلب.
تخبرنا الحجة أنها تعيش على المساعدات الإنسانية، وتخصص كفالة الطفل اليتيم التي لا تتجاوز 20 دولار فقط شهرياً، لكسوته ومصروف مدرسته، وتتحايل على واقعها المعيشي وضيق حالتها المادية، بالتدبير والتوفير والاستغناء، تقول إنهم “استغنوا عن تناول اللحوم والفواكه منذ زمن، ويحاولون شراء الخضار الرخيصة وتناول الحبوب الموجودة في السلة الشهرية”.
بالعودة إلى أسعار المواد الغذائية في السوق، أكدت المراسلة وجود ارتفاع ملحوظ في الأسعار، ووفق التقديرات والإحصائيات الأخيرة، فإن تكلفة معيشة أسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد بالغين تحتاج قرابة 400 دولار في الشهر الواحد بالحد الأدنى، هذا دون تكاليف الرفاهيات والكماليات، والمصاريف المدرسية أو الجامعية، وتكاليف زيارة الأطباء العامة وأطباء الأسنان وغيرها.
على خلفية ذلك تتعالى الأصوات في جميع المناطق منددة بالواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي ظل الأزمات التي تتفاقم يوما بعد يوم، مشيرة إلى أن تكلفة المعيشة للأسرة الواحدة في سوريا أصبحت من أعلى التكاليف في العالم، وسط تخفيض في المساعدات الإنسانية والإغاثية مؤخراً مايندز بكارثة قريبة تهدد الأهالي ولاسيما النازحين.