تمر “سحر” كل فترة قصيرة من جانب بيتها المدمر، تنظر إليه بحرقة قلب وتبكي، فهي وضعت كل ما تملكه من المال لشرائه وتجهيزه، فسكنته أربعة أشهر قبل الزلزال ثم تدمّر.
استفاق أهالي الشمال السوري على رائحة الموت والدمار في كل مكان، في السادس من شباط العام الماضي الساعة 4:17، حيث ضرب الزلزال المدمر بقوة 7.8 درجات مناطق شمالي سوريا وجنوب تركيا، وخلّف عشرات الآلاف من القتلى ودمار ضخم في البنى التحتية.
“سحر” 42 عاماً، معلمة رياضيات منفصلة ولديها أربعة أولاد، تقيم في مدينة سلقين شمالي إدلب، أرادت أن تكون مستقلة في بيت خاص بها بعد انفصالها وقريب من مكان عملها ومدرسة أولادها، فباعت ذهبها واقترضت تتمة المبلغ لتشتري بيتاً تستقر فيه مع أطفالها.
كانت “سحر” وعائلتها غارقة في النوم حين بدأت الأرض تهتز بهم، استيقظت على فتات السقف تنزل على وجهها، حملت أولادها مسرعةً لتخرج من البناء دون أن تعرف ماذا يحدث، تروي لنا تفاصيل تلك اللحظة فتقول: “للوهلة الأولى ظننت أنه قصف للنظام، كنت أشعر بدوار شديد وكان البناء ينهار من كل جانب عندما خرجت منه أنا وأولادي”.
تدمّر بيت “سحر” أمام عينيها وهي تحتضن أطفالها وتنظر إليه كيف ينهار “سقطت الطوابق العلوية ثم وقعت جدران بيتنا، وازدادت الغبرة بشكل كبير عندما تحول البناء إلى كومة ركام، تعلو فيه أصوات العالقين واستغاثتهم”، حسب ما وصفت “سحر”.
أحصت المجالس المحلية في المدن المتضررة بكارثة الزلزال المباني المتضررة بشكل كامل أو جزئي، لتعرض فيما بعد قائمة أسماء المتضررين على المنظمات الإنسانية.
سجّلت “سحر” اسمها على أمل أن تعوضها إحدى المنظمات بمبلغ تستطيع أن تأمن مصروف أولادها بعد أن توقف عملها بسبب الزلزال، تحدثنا عن المساعدات التي حصلت عليها بعد مرور عام على الفاجعة، فتقول: “استلمت سبع سلل غذائية إضافة إلى 100 دولار خلال العام”.
تشردت مئات العوائل بعد الكارثة، وسكن قسم كبير منهم في المخيمات بعد أن فقدوا مأواهم الوحيد.
“أبو حذيفة” 38 عاماً، أبٌ لخمسة أولاد يقيم في مخيم لمتضرري الزلزال بالقرب من مدينة سلقين بعد أن تدمّر منزله بشكل جزئي وأصبح غير قابل للسكن، يحدثنا عن أضرار بيته فيقول: “الجدران نصفها سقطت والباقي منها على وشك الانهيار، والسقف تصدع بشكل كبير حتى ظهرت أسياخ الحديد فيه”.
قدّمت بعض المنظمات الإنسانية مبالغ مادية لمئات العوائل المتضررة وعلى عدة دفعات، وذلك لتأمين احتياجاتهم الأساسية بعد الزلزال، يذكر لنا ” أبو حذيفة” المبلغ الذي حصل عليه بعد مرور عام على الكارثة فيقول: “350 دولار على ثلاث دفعات بالإضافة إلى سلة غذائية كل شهر”.
وأعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في السادس من شباط حالة الطوارئ لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض في 182 موقعاً ضمن 60 مجتمعاً، فيه أكثر من 580 مبنى مهدم كلياً وأكثر من 1578 مبنى تهدم بشكل جزئي، حسب تقريرهم الصادر في الذكرى الأولى للزلزال.
يحلم آلاف السوريين بالسكن تحت سقف وجدران كما كان حالهم قبل الزلزال، يحميهم من برد الشتاء وحر الصيف، في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان الشمال السوري.