حمامات إدلب.. تجربة تعيد تواصل الناس مع تراثهم

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

توجه “عاصم قربي” لاستثمار حمامه الأثري في مدينة أريحا، بعد أن أعاد ترميمه وفتح أبوابه أمام أهالي المدينة والنازحين إليها، ليمنحهم فرصة لاستعادة ذكرياتهم، وإحياء جزء من تراثهم القديم بعد أن غيبته الإهمال حكومة النظام قبل الثورة.

تشتهر محافظة إدلب بحماماتها الشعبية، ويبلغ عددها عشرة حمامات منتشرة في أماكن مختلفة بين المدينة وريفها، يعود تاريخ بعضها إلى العهد الروماني، ويعود بعضها الآخر إلى مرحلة الحكم العثماني.

“عاصم”، البالغ من العمر 51 عامًا، أب لخمسة أولاد، يقيم في مدينة أريحا، مالك حمام (الريحاوي) الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 100 عام، أعاد ترميمه قبل خمس سنوات تقريبًا، وبنى الأجزاء المهدمة منه إثر تعرضه للقصف النظام عدة مرات.

يحمل حمام (الريحاوي) كغيره من الحمامات السورية طابعًا تراثيًا قديمًا، حافظ “عاصم” عليه خلال ترميم الحمام، يذكر لنا بعضها فيقول: “لا يزال حمامي محافظًا على معالمه الأثرية مثل بركة الماء داخل باحته الواسعة، والأراجيل مصفوفة من حولها، إضافة إلى المشروبات الساخنة وبعض الأطعمة كالفواكه والحلويات، كما هناك القبب المزخرفة، وأجران الحمام الحجرية والطاسات النحاسية”.

في طقوس دمجت تقاليد الماضي وتفاصيل الحاضر، عاد أهالي إدلب لزيارة الحمامات في أجواء تراثية قديمة تملأها المرح والسعادة، “قصي”، البالغ من العمر ثلاثين عامًا، نازح من مدينة دمشق ومقيم في إدلب، يجتمع مع أصدقائه في حمام (الروضة) الموجود في مدينة إدلب كل فترة، يقول: “نجتمع فيه مع أصدقائي بعد تهجيرنا، نتذكر الأيام الماضية ونجدد طقوسنا في الغناء والمواويل والرقص في أجواء محفوفة بالفرح الذي حرمنا منه خلال الحرب”.

ارتبطت حمامات السوق قديمًا بالمناسبات السعيدة كالأعراس واستقبال الحجاج، “علي”، البالغ من العمر 31 عامًا، أقام حفلة زفافه قبل عام في الحمام، يذكر لنا تفاصيل هذا الحفل فيقول: “كانت تجربة رائعة، أحببت تغيير أجواء الصالات، تضمنت الحفلة فرقة رقص شعبي ووصلات غناء تراثي، إضافة إلى تقديم الضيافة التقليدية كالقطايف والعوامة والهيطلية”.

تستقبل حمامات السوق الشعبية أعدادًا كبيرة من النازحين المقيمين في مخيمات الشمال السوري، وذلك بسبب قلة توفير المياه وانعدام الكهرباء لديهم، يتردد “عبد السلام”، البالغ من العمر 45 عامًا، مقيم في مخيم قريب من مدينة سرمدا الحدودية، إلى حمام شعبي في المدينة كل 15 يومًا، ليتمتع بمياه ساخنة، “المياه قليلة في المخيم وإن وجدت فهي كلسية تسبب لي طفح جلدي ، هذا ما دفعني للقدوم إلى حمام السوق”، حسب ما قال “عبد السلام”.

لاقت حمامات السوق في الشمال السوري إقبالًا كبيرًا من الأهالي، وفي الوقت نفسه منعت الكثير من دخولها وذلك بسبب ارتفاع أجورها التي تصل إلى 4 دولارات للشخص الواحد.

مقالات ذات صلة