تتصدر أزمة ارتفاع أسعار الدواء المشهد في مناطق النظام، وتزيد من معاناة المدنيين بشكل مستمر، لاسيما أنها وصلت في الفترة الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة فاقت القدرة الشرائية للأهالي بأضعاف، و شكلت عبئاً ثقيلاً على المرضى.
وقال مراسلنا في دمشق: إن “أسعار الأدوية الأجنبية والمستوردة والمهربة زادت بشكل كبير دون قدرة المعنيين على ضبط الأسعار ووضع حد لاستغلال حاجة المرضى إليها، إذ رصد اختلافاً كبيراً بسعر ذات المنتج الدوائي في عدة صيدليات، كذلك اختلاف السعر بين المنطقة والأخرى، بسبب تحكم أصحاب مستودعات الأدوية بالأسعار، وفق معايير خاصة بهم أهمها تحصيل أكبر قدر ممكن من الربح.
وفي التفاصيل التي نقلها المراسل، أكد أن غلاء الأسعار طال كلاً من المسكنات مثل السيتامول والبروفين وشراب خافض الحرارة للأطفال، ما جعل الأهالي في مناطق كثيرة خاصة بلدات “الغوطة الشرقية” يلجؤون إلى التداوي بالأعشاب الطبيعية والابتعاد قدر المستطاع عن شراء الأدوية والمسكنات بسبب أسعارها.
وتزامناً مع انخفاض درجات الحرارة، وتأثر المنطقة بالمنخفضات الجوية الباردة، انتشرت أمراض الحلق والجهاز التنفسي والزكام والسعال بشكل كبير بين الأهالي وخاصة الأطفال، وأصبحت تكاليف شراء الأدوية اللازمة لها تقدر بما يزيد عن نصف راتب الموظف الحكومي، وهذا ما دفع أغلب الأهالي للابتعاد عن شراء الأدوية رغم سوء حالتهم الصحية.
صاحب أحد الصيدليات في الغوطة، أكد لمراسلنا أنه في الفترة الأخيرة الماضية لوحظ تراجع عمليات شراء الأدوية من الصيدليات بشكل كبير جداً، وبات يقتصر على الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة التي لا يمكن التخلي عنها مثل الضغط والسكري وغيرها من الأمراض التي تحتاج للدواء بشكل يومي وإلزامي.
وقال: إن “أسعار الأدوية بما فيها المسكنات ومضادات الالتهاب ارتفعت خلال الأيام الماضية بنسبة تراوحت بين 15 إلى 20 بالمئة دون أي توضيح من وزارة الصحة برفع سعر الدواء على غير المعتاد” .
ليس هذا فحسب بل أشار الصيدلاني إلى أن الغلاء لحق علب حليب الأطفال، حيث ارتفع ثمنها تزامناً مع ارتفاع أسعار الأصناف الدوائية، وسط عجز تام من قبل مديرية الصحة عن إيجاد حل جذري لأزمة الدواء وعلب الحليب يخفف من معاناة الأهالي.
تحدث مراسلنا إلى عدد من أهالي الغوطة الشرقية الذين أكدوا أن النظام وأجهزته الأمنية لهم يد خفية وراء افتعال أزمة وغلاء الدواء، إذ يعتبرونهم شركاء في هذه الحرب على المدنيين، عبر تعامل ضباط النظام وقادة الميليشيات المحلية مع أصحاب ومالكي المستودعات الضخمة والرئيسية للأدوية، وعدد من التجار والمسؤولين عن استيراد الدواء، ما تسبب برفع سعرها عموماً، وفقدان أنواع كثيرة منها في الصيدليات والمراكز الطبية واقتصار بيعها على أماكن محددة، ما يتيح التحكم بسعرها بشكل كبير لزيادة الطلب عليها.
حيث يواجه قطاع الأدوية في سوريا أزمة مستمرة منذ سنوات، تمثلت برفع السعر أكثر من عدة مرات خلال شهر واحد، مع فقدان أصناف دوائية كثيرة من أغلب الصيدليات، واحتكار بعضها من قبل المستودعات الدوائية، بالإضافة إلى امتناعهم عن تزويد الصيدليات بالأدوية المطلوبة.
ومن الجدير بالذكر، أن الفساد الذي تعيشه العاصمة برعاية النظام السوري، استشرى كثيراً في السنوات الأخيرة، وتجلى في إهمال الوضع الخدمي للأهالي والتضييق عليهم، تزامناً مع أزمات أخرى أبرزها الكهرباء وشح المياه، والمواصلات، وانقطاع الوقود، وغيرها من الأزمات التي تشهدها المنطقة.