رغم الإمكانيات المحدودة، تمكن “مصطفى” من افتتاح ورشة جديدة لصناعة الصابون الغار في إدلب، بعدما فقد معداته خلال القصف الذي استهدف بلدته “حاس” قبل أيام قليلة من نزوحه.
تشتهر محافظة إدلب منذ مئات السنين بزراعة أشجار الزيتون، ومن هذه الزراعة نشأت صناعة الصابون الغار، الذي يتميز بجودته ورائحته الطيبة، بالإضافة إلى فوائده الصحية بسبب استخدام المكونات الطبيعية في تصنيعه.
“مصطفى”، البالغ من العمر 43 عامًا والذي يعيش في مدينة إدلب، هو أب لخمسة أطفال، وانتقل إلى هناك بعدما سيطر النظام على بلدته السابقة “حاس” في جنوب إدلب، تعلم “مصطفى” فن صناعة الصابون من والده، وأصبحت هذه المهنة مصدر رزق لعائلته، أكد “مصطفى” أن هذه الصناعة قد تورثت في عائلته عبر الأجيال لمئات السنين، وأصبحت أحد أهم مصادر رزقهم.
يتكون الصابون الغار من عدة مكونات طبيعية، من أبرزها زيت الزيتون والغار، إلى جانب مواد مثل الكاوستيك والقطرونة.
تحتاج صناعة الصابون اليدوية إلى عدة مراحل، حيث تبدأ بوضع زيت الزيتون مع الماء المغلي في إناء دائري واسع، ويتم تحريكه لمدة ساعة أو ساعتين حتى يتماسك الخليط.
“مصطفى” يتابع مراحل صناعته قائلاً: “بعد تماسكه، يسكب الخليط في قوالب خشبية مسطحة، ثم تترك حتى تبرد وتقطع على شكل مكعبات متساوية، وتصبح بعد ذلك جاهزة للبيع أو التصدير”.
تستغرق هذه المراحل حوالي العشرين يومًا، ويفضل الحرفيون صناعة الصابون في فصل الشتاء بسبب حاجتهم لدرجة حرارة منخفضة.
ترغب بعض النساء في صناعة الصابون داخل منازلهن لتلبية احتياجاتهن طوال العام، حيث قالت “سميحة”، 58 عامًا، التي تسكن في جبل الزاوية: “تعلمت صناعته من والدة زوجي، وكل عام أصنع حوالي 50 كيلو غرام لأغطي حاجتي منه طوال العام”.
يفضل بعض سكان إدلب الصابون المصنوع يدويًا على الصناعي، حيث قال “رامي”، 45 عامًا، والذي يسكن في مدينة إدلب، إنه يزور معمل صناعة الصابون اليدوي كل فترة لشراء كمية تكفي عائلته لمدة شهر، قائلاً: “الصابون الصناعي يؤثر على الشعر ويزيد من القشرة، أما اليدوي فهو متميز بجودته ومكوناته الطبيعية”.
تراجعت هذه الصناعة بشكل كبير خلال سنوات الحرب في سوريا، كما شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في أسعارها، إذ يصل سعر الكيلو الواحد إلى 75 ليرة تركية، وذلك بسبب ارتفاع سعر المادة الأساسية لها وهي زيت الزيتون، حيث وصل سعر التنكة الواحدة منها، نوع متوسط الجودة، إلى 95 دولار أمريكي.