الأطباق الدوارة.. هل مازالت حاضرة في الشمال السوري؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تطل “السكبة الرمضانية” هذا العام بشكل خجول على موائد الأهالي في الشمال السوري، رغم محاولة الكثيرين منهم التمسك بها والحفاظ عليها كونها طقساً متوارثاً اعتاده السوريون منذ القدم، خاصة في شهر رمضان قبل اندثارها في ظل الظروف المعيشية المتردية والتضخم الاقتصادي وتدني مستوى الدخل لغالبية المواطنين.

حيث أرخت سنوات الحرب والنزوح والتهجير ثقلها على السكان ناسفة كثيراً من العادات والطقوس الشعبية المتعارفة لدى الأهالي، بعدما أصبح تأمين لقمة العيش من أبرز تحديات الأسرة، وسط ارتفاع جنوني بأسعار المواد الغذائية والخضروات واللحوم والأصناف الأخرى.

وتعد “السكبة الرمضانية” من أبرز تلك العادات والتقاليد الشعبية التي تنشط بين  الجيران من سكان الحي أو البناء الواحد، حيث يتم إهداء الأطباق من أصناف طعام الإفطار مع الجيران أو المقربين بحيث تقوي أواصر المحبة والألفة بينهم، وتسمى في بعض المناطق الأطباق الدوارة، كناية عن عودة الطبق من عند الجيران محملاً بصنف آخر من الطعام.

إلا أن السكبة في بلدات الشمال السوري تحظى بخصوصية معينة نتيجة التنوع السكاني الموجود في محافظة إدلب، تقول “رهام” مهجرة من ريف حلب: إنها “خلال إقامتها في مخيم يجمع كافة الأهالي من مختلف المحافظات السورية تعرفت على أصناف جديدة من الطعام لم تعرفها من قبل، منها الحمصية والشامية والديرية وغيرها من الأكلات الشعبية التي تميز كل منطقة عن الأخرى”.

تخبرنا السيدة الثلاثينية أن الظروف المعيشية السيئة للأهالي في مخيمهم حددت كثيراً من عادة السكبة في رمضان، إذ أن العائلة اليوم بالكاد تؤمّن وجبة الإفطار لأفرادها، وتعجز عن طبخ كميات كبيرة لإرسال السكب منها للجيران، وهذا حال معظم الأسر الفقيرة في الشمال السوري.

وتكمل أن أُسراً كثيرة تعتمد على المساعدات الإنسانية والمبادرات الخيرية المخصصة لتوزيع وجبة إفطار الصائم عليهم، وتخفيف الأعباء المالية عنها، وسط غلاء معيشي غير مسبوق، فضلاً عن عجزها عن طهي وجبات دسمة كي تسكب منها للجيران حسب قول “رهام”.

تخالفها جارتها “أم ماهر” الرأي فتقول في حديثها إلينا :”صحيح أن الظروف المعيشية والاقتصادية أثرت على معظم الناس وجعلتهم يتبعون نمطاً من التقنين والتقتير في لقمة العيش، إلاّ أنني (أجود بالموجود) فعادة “سكبة رمضان” مستمرة بغض النظر عن نوع الطعام فأنا حريصة على إرسال الأطباق لجيراني حتى وإن كان طبقاً من الحساء أو السلطة، وهو تعبير عن المحبة وليس التفاخر بالأطعمة.

يذكر أن الأهالي اليوم في الشمال السوري يعانون ظروفاً اقتصادية قاسية، جعلتهم يتحايلون على واقعهم الصعب بالحفاظ على طقوس قديمة لها ذكريات في مخيلتهم، تدفعهم للحفاظ عليها وممارستها رغم حياة البؤس والنزوح والتهجير، لدلالة على وجود الخير بين الناس، في أبسط الأمور.

مقالات ذات صلة