تنشط مع بداية شهر رمضان مهن موسمية تؤمن فرص عمل ومرابح جيدة لأصحابها ثم تختفي أو يخف نشاطها مع نهاية الشهر، بالمقابل تشهد مهن أخرى جموداً مؤقتاً يجعل أصحابها يتوقفون عن العمل أو ينتقلون إلى مهن أخرى أكثر رواجاً وطلباً ريثما ينتهي موسم رمضان وتعود الحركة المعتادة إلى السوق.
يقضي الشاب العشريني “عامر” وهو عامل في مطعم وجبات سريعة بمدينة إدلب، معظم شهر رمضان في منزله، حيث يخف العمل والطلب على المطاعم خلال شهر رمضان، وتشهد هذه الفترة ركوداً واضحاً في جميع المطاعم ومحلات بيع الأطعمة و(الكافيهات)، بسبب رغبة الناس بتحضير الوجبات في المنزل بدلاً من شرائها من المطاعم أو محلات بيعها في السوق كما جرت العادة.
يقول “عامر” وهو أب لطفلين في حديثه إلينا: إن “أعبائه المادية تزداد خلال هذا الشهر، وتكثر ديونه بسبب توقفه عن العمل وصعوبة إيجاد عمل آخر يناسب مهنته التي يتقنها، رغم محاولته البحث يومياً في السوق، يخبرنا أنه يواجه صعوبة في تأمين مستلزمات أسرته، ويضطر أحياناً للعمل بنصف الأجرة في أحد المطابخ الشعبية التي تنشط في رمضان لتحضير وجبات إفطار الصائم”.
فيما يقوم عدد من أصحاب المطاعم الشعبية الصغيرة بإغلاقها طيلة الشهر، بسبب قلة البيع واستمرار زيادة المصاريف اليومية مثل أجرة المحل وفاتورة الكهرباء وأجرة العمال، وبالتالي زيادة إمكانية تعرضهم لخسائر كبيرة، ما يجعلهم يفضلون الإغلاق المؤقت على الخسارة وقد يستغلون هذه الفترة في إصلاحات داخل المحلات لاستقبال موسم العيد بعد رمضان.
كذلك يتوقف الشاب “عماد” 27 عاماً، وهو عامل بناء بأجرة يومية في مدينة الدانا شمال إدلب، عن عمله كونه من الأعمال الشاقة التي ترهق الصائم، يقول: إنه “لا يمكنه الصوم والعمل في البناء بنفس الوقت مهما كانت أجرته، لذا يقوم ببيع المشروبات الرمضانية المعروفة على بسطة صغيرة في السوق”.
يخبرنا في حديثه إلينا: أنه “ليس ماهراً في صنع المشروبات الرمضانية مثل العرقسوس والتمر الهندي والجلاب، لكنه يشتري كميات كبيرة منها كل يوم بيومه، وتكون معبأة بالأكياس وجاهزة للبيع ثم يبيعها بعد إضافة نسبة ربح بسيطة عليها ليعين أسرته خلال شهر رمضان”.
كذلك يواجه عشرات العمال في بعض المهن ركوداً واضحاً في شهر رمضان، وخاصة الأعمال التي تتعلق ببيع الطعام والشراب فترة الصباح والبسطات الصغيرة التي تعتمد على البيع لطلاب المدارس و(أكشاك) القهوة السريعة والمشروبات الساخنة.
وعلى الجانب الآخر تعيش مهن أخرى وتحظى بإقبال ومرابح جيدة خلال الشهر، مثل صناعة وبيع المشروبات الرمضانية الباردة، وتنتعش مهنة الحلويات وبيع المعروك أيضاً، وتنشط تجارة وبيع قطع الزينة الرمضانية من الفوانيس والأهلّة وحبال الإضاءة وغيرها من قطع الزينة التي تعبر عن طقوس شهر رمضان.
يذكر أن الأهالي في الداخل السوري يحييون شهر رمضان هذا العام وسط موجة غلاء غير مسبوقة وارتفاع في الأسعار وجمود في حركتي البيع والشراء، وتدني مستوى الدخل لغالبية السكان، مازاد من معاناة الأهالي في ظل عجزهم عن تأمين أبسط مقومات الحياة اليومية.