مع اقتراب عيد الفطر، تجهز “أم محمد” تنورها لتبدأ بصناعة حلويات العيد وتلبية طلبيات زبائنها، الذين اعتادوا على صناعة حلوياتها المميزة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
أصبحت صناعة الحلويات في المنزل وبيعها للزبائن أو التجار، فرصة عمل موسمية لسيدات اللواتي يبدعن في هذه الصناعة، كما باتت مصدر رزق جيد يسد حاجات الكثير من الأسر الفقيرة.
“أم محمد” سيدة خمسينية، وأم لثمانية أولاد، تسكن في قرية (سرجه) بريف إدلب الجنوبي، قامت بتجربة بسيطة من الكعك المالح خلال خبزها بعض الفطائر والخبز على تنورها الذي صنعته برفقة والدتها من الطين والقش والفخار.
تخبرنا “أم محمد” عن النتيجة التي حصلت عليها في أول تجربة، فتقول: “النتيجة كانت ناجحة أكثر مما توقعت، لقد نضج الكعك بطريقة رائعة وطعم فاخر”.
تعلمت “أم محمد” صناعة الحلويات من والدتها قبل سنوات طويلة، تخبرنا عن بعض الطقوس القديمة التي كانت تشهدها أيام طفولتها وشبابها، فتقول: “كانت النساء يجتمعن في بيت العائلة، يعملن لساعات طويلة في إعداد أنواع مختلفة من الحلويات المحببة للعائلة”.
وأضافت “قبل العيد بأيام قليلة كانت رائحة الحلويات الذكية تعبق في شوارع القرية”.
ابتكرت “أم محمد” هذه الطريقة الجديدة لصناعة الحلويات بعد أن انقطعت الكهرباء عن قريتها منذ أكثر من عشر سنوات، إضافة إلى ارتفاع سعر أسطوانة الغاز، فلم تجد حلاً أمامها إلا تنورها الطيني.
تحدثنا عن كيفية شواء الحلويات في التنور، فتقول: “بعد أن يصبح الحطب جمراً، أضع داخل التنور طاولة حديدية بارتفاع عشر سم، وأضع عليها آنية الكعك، ثم أغطي فتحة التنور بطبق حديدي أيضاً”.
تقف “أم محمد” بجانب التنور تنتظر عشر دقائق، لتخرج آنية الكعك الساخنة، وتضع الأخرى، وتستمر على هذا الحال حتى تنتهي الكمية الموجودة لديها.
تصنع “أم محمد” أنواعاً مختلفة من الحلويات المحببة لدى زبائنها وعائلتها، تذكر لنا بعضها فتقول: “الكعك المالح والحلو، والمعمول بحشوته المتعددة كالتمر والجوز واللوز، إضافة إلى الغربية والبرازق وأصابع العجوة”.
تجتمع جارات “أم محمد” على رائحة الكعك والمعمول، يجلسن بجوارها ويراقبن عملها بكل إعجاب ومحبة.
“أم خالد” 37 عاماً، وأم لخمسة أولاد، إحدى جارات “أم محمد”، اعتادت على شراء حلويات العيد من جارتها، التي تتقن وتبدع في صناعتها، “حلوياتها مميزة ولها طعم خاص بسبب شوائها على الحطب، إضافة إلى أسعارها المناسبة والرخيصة مقارنة مع أسعار الحلويات في السوق”، حسب ما قالت “أم خالد”.
هذا النوع من الحلويات يعد من الضيافة الأساسية التي يقدمها الناس لزوارهم خلال أيام العيد، ويقدم معها القهوة العربية المرة إضافة إلى الفواكه وبعض أنواع الموالح.