زحمة في الأسواق، يقابلها إحجام عن الشراء ناتج عن سوء الحالة الاقتصادية لغالبية السكان في الشمال السوري، حيث لا تتناسب أسعار الملابس هذا الموسم مع الوضع المعيشي لهم، حسب قول من تحدثنا إليهم من أهالي المنطقة، فمنذ دخول شهر رمضان ارتفعت الأسعار عموماً، وطالت سوق الألبسة الجاهزة إذ تعد فترة الأعياد فرصة موسمية لأصحاب المحال التجارية لعرض وبيع بضائعهم وتحقيق هامش من الربح الجيد.
تقول مراسلتنا في إدلب بعد جولة في الأسواق والمحلات التجارية: إن “الأسعار هذا الموسم تجاوزت ضعف ما كانت عليه العيد الماضي وارتفعت بشكل ملحوظ ماجعلها خارج حسابات شريحة كبيرة من الأهالي في إدلب وريفها، وسط موجة الغلاء وتدني مستوى الدخل وارتفاع معدل الفقر، حيث تستغني أسر كثيرة عن شراء الكسوة لأطفالهم، وتحضير باقي لوازم العيد، بالمقابل تجد شريحة أخرى من ذوي الدخل المرتفع مقبلة على الأسواق منذ بداية رمضان وهي فئة قليلة مقارنة بالوضع العام لجميع السكان”.
مراسلتنا رصدت أسعار الألبسة في أسواق ومحلات مدينة الدانا شمال إدلب، وأكدت أنها مرتفعة وغير مناسبة لدخل معظم العوائل حيث بلغ سعر الفستان البناتي بين 25_50 دولار أي حوالي 1500 ليرة تركية، هو ما يعادل أجرة نصف شهر لعمال المياومة، كذلك بلغ سعر الطقم الرسمي للصبيان 30 _40 دولار، بينما سعر بنطال الجينز الولادي 160 ليرة، والقميص 300_450 ليرة وتختلف الأسعار من محل لآخر ومن منطقة لأخرى، وتتفاوت أيضا بسبب النوع والجودة.
يرجع أصحاب محلات ألبسة في المنطقة تحدثنا إليهم سبب ارتفاع أسعار الألبسة إلى الضرائب المفروضة على الملابس المستوردة، وأجور الشحن والنقل حتى تصل إلى المناطق شمال سوريا، إضافة إلى ارتفاع أجرة المحلات التجارية والمصاريف الأخرى التي تضاف على المنتجات والبضائع ناهيك عن أن فترة العيد تعد فرصة وموسم سنوي ينتظره التجار لتعويض الكسر الحاصل خلال العام.
تخبرنا “رهام محمد” 25 عاماً، ربة منزل وأم لثلاثة أطفال تقيم في مخيمات “دير حسان” شمال إدلب، أن هذه الأسعار “الجنونية” كما وصفتها تحرم أطفالها من كسوة العيد، تقول في حديثها إلينا: إن “راتب زوجها المدرس وهو 150 دولار، لا يكفي شراء كسوة لأطفالها الثلاثة حسب هذه الأسعار، إذ يحتاج الطفل قرابة 70 دولار لشراء بدل واحد وحذاء فقط” ، متسائلة كيف سيمضي العيد على الأسر الفقيرة والتي لا تملك قوت يومها؟.
عائلة “رهام” واحدة من بين مئات آلاف العوائل في الشمال السوري من ذوي الدخل المحدود الذي يعد العيد نكبة عليهم كما أخبرتنا، فهو يحتاج ميزانية خاصة لتأمين الكسوة والحلويات والمستلزمات الأخرى، ناهيك عن المصروف المضاعف للأسرة خلال شهر رمضان، إذ تعاني شريحة كبيرة من السكان في الشمال السوري من ضائقة مادية جعلتهم يتخلّون عن كثير من الحاجات الأساسية الضرورية لهم.