يترقب الأطفال صبيحة يوم العيد بفارغ الصبر، للحصول على عيديتهم من آبائهم وأقاربهم، والتي تضفي البهجة والسرور على طقوس العيد كونها عادة اجتماعية تحظى برمزية خاصة عند السوريين وكثير من البلدان العربية في الأعياد، غير أن الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة في السنوات الأخيرة أثرت على كثير من عادات وتقاليد المناسبات والأعياد حيث طالها التقنين والاستغناء والتلاشي.
حرص الطفل “عمر” 9 سنوات المقيم في مدينة إدلب شمال سوريا على الاستيقاظ باكراً في أول أيام عيد الفطر وإلقاء التهاني والمعايدة على والديه بانتظار عيديته، يقول واصفاً فرحته: إنه “يتوقع أن تصل عيديته هذا العام إلى 200 ليرة تركية فهو موعود بهدية قيمة من والده وجده كونه صام شهر رمضان كاملاً”.
وتعد “العيدية” طقساً مفرحاً للأطفال يلازم أيام الأعياد، وهو كما يعرف عند السوريين، توزيع مبالغ مالية معينة على الأطفال صبيحة العيد تزيد من فرحتهم.
حيث تختلف القيمة المالية للعيدية حسب قدرة كل عائلة فهي لاتتقيد بمبلغ مالي معين، كما يحصل الطفل عليها أيضاً من بعض أقاربه وأصدقاء الأسرة والجيران، وتتراوح بشكل وسطي في الشمال السوري حسب رأي من التقيناهم بين 10 _ 100 ليرة تركية، أي ما يعادل 3 دولارات في حين تقتصر بعض العوائل والأحياء على توزيع قطع من الحلوى و”السكاكر” والشوكولا على الأطفال.
يقول الطفل “عمر” في حديثه إلينا، إنه يتباهى أمام أصدقائه بقيمة المبلغ الذي يحصل عليه في العيد من أهله وأقاربه، ثم يقومون جميعاً بشراء الأطعمة والحلويات والشاورما المفضلة لديهم، ويقلدون بعضهم في شراء بعض الألعاب.
كذاك اتخذت العيدية أشكالاً مختلفة عن توزيع النقود فقد تكون على هيئة قطع من الحلوى أو هدية من الأقارب للطفل وفي السنوات الأخيرة أصبحت الحوالات المالية المرسلة إلى الأهالي قبل العيد تحتل اسم “العيدية” كبادرة محبة من المغتربين إلى ذويهم في أيام العيد، بعدما عز اللقاء وحالت سنوات الغربة بين اجتماعهم في الأعياد والمناسبات الاجتماعية.
كما تنشط بعض الجمعيات الخيرية والمبادرات الفردية التطوعية وعدد من أئمة المساجد في المنطقة بتوزيع العيديات على الأطفال لإدخال الفرحة إليهم ورسم البسمة على وجوههم لاسيما الأيتام منهم.
يقول إمام مسجد في بلدة كفر لوسين شمال إدلب لمراسلتنا: إن “الأطفال الذين حافظوا على صلاة الجماعة طيلة شهر رمضان حصلوا على عيدية بقيمة دولارين وهي بمثابة ترغيب وتشجيع لهم على الالتزام بالصلاة وإعلاءً لقيمة الهدية والكرم بين الأطفال.
يذكر أن الظروف المعيشية المتردية التي يعيشها كثير من السوريين حرمت عدداً من الأطفال ولاسيما الأيتام والنازحين من فرحة العيد ومن بهجة الحصول على عيدية كباقي الأطفال في الشمال السوري إذ تعد العيدية بهذه الحال رفاهية استغنى عنها كثير منهم، وبقيت عالقة في أذهان الأمهات وقصصهن القديمة.