أقبل “أبو محمد” على إيجار أرض شمالي إدلب وزرعها بالوردة الدمشقية، بعد أن أجبر على ترك أرضه في منطقة القلمون وتهجيره إلى الشمال السوري قبل سبع سنوات.
خلال السنوات الأخيرة انتشرت زراعة الوردة الدمشقية بشكل كبير في الشمال السوري ولقيت إقبالًا واسعًا من أهالي المنطقة، وأصبحت مصدر رزق للكثير من العوائل الفقيرة والنازحين في المخيمات.
“أبو محمد”، 38 عامًا، مهجر من ريف دمشق ومقيم في بلدة كللي شمالي إدلب، لجأ إلى العمل بمهنته الأساسية وهي زراعة الورد الدمشقي.
في حديث خاص لمنصة SY24، قال: “ولدت بين حقول الورد الشامي، كانت مصدر رزقي وملاذ روحي قبل تهجيري إلى هنا”.
“أبو محمد” هجر مع مئات المدنيين من ريف دمشق، تاركًا خلفه ذكرياته الجميلة مع أحبته، يشير إلى أن رائحة الورد العطرة كانت تملأ أجواء المنطقة، وجمالها الوردي يدهش العينين، خصوصا في الصباح الباكر عندما تتلألأ بقطرات الندى على تلاتها.
يبدأ موسم قطاف الورد الجوري في أواخر شهر نيسان حتى نهاية حزيران، يقول “أبو محمد” إن ساعات قطاف الورد قليلة مقارنة مع المواسم الزراعية الأخرى، حيث يبدأ قطافه في الخامسة صباحًا حتى الثامنة.
يجد الكثير من العمال والمزارعين فرصة جيدة لتأمين قوت أطفالهم، ويعد قطاف الورد من الأعمال المرغوبة لديهم وذلك لجمال منظره ورائحته الفواحة.
تعمل “لينا”، 42 عامًا، أمًا لخمسة أولاد مقيمة في إحدى المخيمات العشوائية على الحدود السورية التركية، بعد نزوحها من ريف حماة، في قطاف الورد الدمشقي، تقول: “العمل في قطاف الورد متعة تفوق التعب، رائحته ولونه الجميل ينعشان الروح والقلب”.
تتقاضى “لينا” أجورها كباقي العاملات وذلك حسب عدد ساعات العمل، تقول: “نعمل أربع ساعات مقابل 80 ليرة تركية، تكاد تكفي لشراء الطعام والخبز”.
يستخدم الورد الجوري في العطور والزيوت التجميلية، كما يحضر منه مربى الورد وشرابه، “أم علي”، سيدة خمسينية، تسكن في مدينة إدلب، تتجول في سوق الهال للمدينة، لتشتري بتلات الورد الجوري وتعد لعائلتها مربى الورد والشراب.
تختلف طريقة تحضير مربى الورد عن باقي المربيات الأخرى حيث تبدأ “أم علي” مراحل تحضيره بتنظيف بتلات الورد من البذور، ثم تفركها مع السكر وحمض الليمون، وتتركها مدة 24 ساعة تقريبًا، حتى تخرج ماء الورد منها، تقول: “أخرج ماء الورد وأضعه جانبًا، ثم أطبخ المربى بعد أن أضاعف كمية الماء له، للحصول على الشراب أيضًا”.
“بعد نضجه، أضيف ماء الورد إليه، حتى يبقى لونه ورديًا ورائحة الورد ظاهرة فيه، أتركه ليبرد ثم أصفي شرابه وأخزنه في أواني زجاجية لفصل الشتاء”، حسب ما أضافت “أم علي”.
تعد الوردة الدمشقية من أهم الورود القديمة التي عرفتها بلاد الشام، ونقلت تلك الوردة إلى الدول الأوروبية خلال الحملات العسكرية، وعرفت تلك الوردة بنوعيها البلدي والفرنسي.