عيد العمال غائب عن الشمال السوري 

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

يغيب عيد العمال المصادف للأول من شهر مايو/أيار من كل عام عن العمال في مناطق الشمال السوري، فلا عطلة رسمية تذكرهم بهذه المناسبة ولا امتيازات العمل وضمان الحقوق التي لا يحظون بها كفيلة بجعله مناسبة للاحتفال كباقي العمال في جميع الدول، إذ يعد عطلة رسمية  في 107 دول حول العالم تقديراً وتكريماً للعمال والطبقة الكادحة.

يمضي الشاب “جمال” 25 عاماً، مهجر من ريف دمشق قبل سنوات إلى الشمال السوري، قرابة تسع ساعات يومياً في عمله بمقلع حجري يقع عند أطراف مدينة إدلب، مع أكثر من عشر عمال آخرين يتولون مهام مختلفة، تشترك جميعها أنها أعمال شاقة وخطيرة في نفس الوقت، يقول في حديثه إلينا: إنه “يعمل في تكسير الصخور الكبيرة لجعلها صغيرة الحجم ومناسبة لوضعها في (الكسارة) وهي آلة تطحن الحجارة والصخور وتحولها إلى حصى صغيرة الحجم تستخدم في أعمال البناء، متحملاً مشقة العمل و صعوبته وخطورته من أجل توفير لقمة العيش لعائلته”.

يعمل مع “جمال” عمال آخرون منهم مسؤولون عن قيادة آليات ثقيلة مثل التركس، وهم أيضاً معرضون لخطر انهيار أجزاء من الجبل في أي لحظة وبالتالي فإن العمل وتأمين لقمة العيش حسب قوله “مغمس بالدم”، وقد حدث أن لقي الكثير من العمال في السنوات الماضية حتفهم بسبب طبيعة العمل القاهرة، إضافة إلى استخدام مواد متفجرة لتفتيت الصخور والجبال والتي قد تسبب لهم الموت إذ لم يتم استخدامها بشكل صحيح وحذر.

يتقاضى “جمال” وبقية العمال في المقلع 6 دولار أجرة يومية، ومنهم من تصل أجرته إلى 7 دولارات أي ما تعادل 200 _250 ليرة تركية وهي بالكاد تكفي ثمن وجبة طعام وأجرة المنزل لعائلته وتعد هذه الأجرة مضاعفة عما يتقاضاه باقي العمال في المهن الأخرى والتي لا تتعدى 100 ليرة في اليوم، وسط غياب كامل لحقوق العمال في المنطقة واستغلال واضح من قبل أصحاب العمل بسبب الفائض باليد العاملة وقلة فرص العمل.

حيث تعد مسألة تحديد الأجور بما يناسب الوضع المعيشي والغلاء الحاصل من أبرز المشاكل الأساسية التي يعاني منها العمال في الشمال السوري، إذ أن الأمر متروك إلى تقدير صاحب العمل وسط دون وجود جهة نقابية أو حقوقية تتولى مسألة تنظيم الأجور وساعات العمل وتحافظ على حقوق العمال، إضافة إلى أن جميع العمال لا يحظون بالتأمين الصحي، والإجازات وأيام العطل الرسمية وتحديد ساعات العمل وغيرها.

ويحصل معظم عمال المياومة باختلاف المهن على أجرة يومية تتراوح بين 2 -7 دولار يومياً باختلاف المهنة وساعات العمل، حسب قول من تحدثنا إليهم، بالوقت الذي تحتاج العائلة مايقارب 10 دولار لتأمين حاجاتها الضرورية من الطعام والشراب وأجرة المنزل والمصاريف المدرسية والطبابة وغيرها في ظل الظروف الاقتصادية السيئة والغلاء الفاحش.

وعليه تتسع الفجوة بين مستوى الدخل المتدني وبين  أسعار السلع والمواد الأساسية التي تضاعفت أسعارها عن  بشكل ملحوظ بسبب تدني سعر صرف الليرة التركية، إذ بات عدد كبير من هؤلاء العمال يحصلون على نفس الأجرة، رغم الارتفاع الحاصل في جميع الأسعار بدءاً من المواد الغذائية وأسعار الوقود والمواصلات وأجرة المنزل وأسعار الكهرباء والنت وباقي المقومات الأخرى الضرورية للحياة.

مقالات ذات صلة