توقف المساعدات الإنسانية والإغاثية مؤخراً في معظم مخيمات الشمال السوري زاد من معاناة الأهالي، لا سيما النازحين والمهجرين، فضلاً عن قلة الدعم المقدم من الجهات المانحة والمنظمات الإنسانية التي خفضت محتويات السلة الغذائية وحصة الفرد من مياه الشرب النظيفة ومادة الخبز، كل ذلك تزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية وقلة فرص العمل وانخفاض أجرة العمال.
هذه الظروف جميعها جعلت “أم موفق”، 45 عاماً، من سكان إحدى المخيمات في كفر لوسين شمال إدلب، تبحث عن عمل لكسب رزقها وتأمين لقمة عيش لأولادها، عبر عملها في المياومة مع إحدى ورش القطاف والحصاد الزراعية، كونها المعيلة الوحيدة لأسرتها بعد وفاة زوجها.
تقول السيدة التي تعمل حالياً في ورشة حصاد زراعية بأجرة يومية لا تتجاوز 70 ليرة تركية، أي ما يعادل 2 دولار فقط، وهي غير كافية لتأمين وجبة غداء واحدة لعائلتها المكونة من ستة أفراد، إنها اضطرت للعمل بعد انقطاع الدعم المقدم لسكان المخيم سواء من المساعدات العينية أو المواد الغذائية الأساسية، والتي كانت بمثابة “بحصة تسند جرة”، وذلك الحال بالنسبة لجميع العوائل وخاصة الأرامل والأيتام وفاقدي المعيل.
“أم موفق” واحدة من مئات آلاف الأشخاص في الشمال السوري الذين يعانون من ارتفاع نسبة التضخم الاقتصادي والغلاء الفاحش وتدني مستوى الدخل مقارنة مع معدل الإنفاق والمستوى المعيشي في المنطقة.
وفي السياق، كشف أحدث تقرير لفريق “منسقو استجابة سوريا”، واطلعت منصة SY24 على نسخة منه، ارتفاع نسب التضخم وازدياد عدد المحتاجين للمساعدة الإنسانية في شمال سوريا.
حيث ارتفع سعر سلة الغذاء المعيارية الكافية لإطعام أسرة مكونة من خمسة أفراد لمدة شهر واحد خلال الأسابيع الأخيرة الماضية في مناطق شمال سوريا بشكل ملحوظ، إضافة إلى ارتفاع نسبة المخيمات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي إلى 89.3 بالمئة من المخيمات، كما تعاني 96.4 بالمئة من المخيمات من صعوبات تأمين مادة الخبز.
وذكر التقرير الأخير للفريق أن سعر السلة الغذائية اليوم تجاوز 3285 ليرة تركية، ما يعادل 100 دولار أمريكي حسب تصريف سعر الدولار الحالي، بزيادة 492 ليرة تركية عن الأشهر الستة الماضية، وهو ما يقضم 69 بالمئة من راتب عامل مياومة لمدة شهر كامل، بعد أن أصبحت نسب التضخم في المنطقة قرابة 75.04 بالمئة على أساس سنوي مقارنة بالعام الماضي.
وأضاف التقرير ارتفاع عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية والذي وصل إلى 4.4 مليون إنسان بزيادة قدرها 11 بالمئة عن العام الماضي، مع توقعات بارتفاع النسبة حتى نهاية العام الحالي.
وأرجع الفريق السبب المباشر إلى المتغيرات الكثيرة في المنطقة منها تغيرات سعر الصرف وثبات أسعار المواد الغذائية على المستوى المرتفع، وزيادة أسعار بعض المواد الأخرى، ما جعل عدداً كبيراً من الأسر، بنسبة 74.4 بالمئة، تخفض أعداد الوجبات الأساسية وكميات الطعام للحصول على المستلزمات الأساسية خاصة في المخيمات.
ولفت التقرير إلى أن 16.7 مليون إنسان في سورية بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، منهم 12.9 مليون إنسان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب برنامج الأغذية العالمي (WFP) وتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة.