لم تستسلم الشابة العشرينية آلاء المعري، ابنة ريف إدلب الجنوبي، لظروف الحرب والنزوح التي فرضتها الحرب على عائلتها وكثير من السوريين في السنوات الماضية، بل جعلت منها حافزًا لتطوير موهبتها في الرسم والفنون اليدوية في مجالات عدة، بعد أن حالت تلك الأوضاع دون إكمال تعليمها الجامعي ودخولها الفرع الطبي الذي كانت ترغب به.
تمسك آلاء الريشة بقوة، تمزج قليلًا من الألوان مع بعضها، تخط معالم لوحتها الجديدة بثقة وشغف. تقول: “إن يدها اعتادت على الرسم منذ كانت صغيرة ثم طورت موهبتها بجهد ذاتي من خلال التجربة والرسم الدائم، وكانت وسيلتها للتعبير عن مشاعرها وفرحها وحزنها بآن واحد، حيث كرست من وقتها وإبداعها ودمجت بين الرسم على القطع الصغيرة والخشبيات والزجاج، ثم طورتها لتصبح بداية مشروع عمل صغير يناسب إمكانياتها المتواضعة”.
تخبرنا أن لكل بداية مشروع عقبات وتحديات، إلا أن وقوف عائلتها معها وتشجيعهم لها جعلها تتحدى تلك الحواجز، أبرزها العادات والتقاليد التي تؤطر عمل المرأة في مجالات نمطية معينة، وهذا ما لمسته عندما اتجهت لرسم اللوحات الجدارية في المدينة.
موهبة آلاء في الرسم والفنون اليدوية بدأت تأخذ منحى العمل والمشروع الشخصي منذ أربع سنوات، وطورت من أعمالها اليدوية واللوحات والقطع الصغيرة التي ترسمها بما يناسب أذواق الشابات من عمرها، فرسمت على أغلفة الهواتف الشخصية المحمولة، وقطع الزينة الخشبية، والإطارات الزجاجية، وأدوات أخرى تستخدم في الزينة وديكور المنازل.
روّجت لمنتجاتها عبر صفحاتها الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي ولاقت أعمالها إعجابًا وطلبًا من الأهالي، خاصة الفتيات والسيدات.
شاركت الشابة بعدة معارض في رسم لوحات بمقاسات كبيرة، ومنها معرض “بريشتنا نزيل آلامهم” الذي كان بمناسبة ذكرى زلزال السادس من شباط العام الماضي، وكان ريع اللوحات عائدًا إلى متضرري الزلزال، كما شاركت في معرض تابع لمنظمة بنفسج بيوم التطوع العالمي، وبمهرجان الساعة 2022، ودعيت لتكريم الموهوبين بمدينة إدلب.
هذه المشاركات والفعاليات صقلت موهبتها أكثر وأطلقتها إلى عالم الرسم على نطاق أوسع، حيث شاركت برسم لوحة جدارية مع عدد من الرسامين/ات في مدينة إدلب وعدد من المعارض، إما بشكل فردي، أو جماعي مع الفرق، منها مشاركتها ضمن فريق “ملتقى الفن” الذي ضم عدة رسامين/ات، ومصورين، وشعراء، وكتّاب، وخطاطين أيضًا، للمشاركة بفعالية أقيمت للحديث عن كارثة الزلزال.
تقول في حديثها إلينا: “إن الرسم والفنون اليدوية كانت في البداية موهبة وهواية فحسب، لكن بسبب الظروف المادية السيئة حولتها إلى فرصة عمل ومصدر دخل لتأمين مصروفها الشخصي ومساعدة عائلتها، وهنا بدأت بتكثيف عملها والبحث عن أفكار جديدة ترضي رغبة الزبائن”.
رغم الصعوبات المالية وارتفاع أسعار المواد الأساسية اللازمة للرسم والقطع الفنية، إلا أنها تمكنت من حجز اسم لها في سوق الفنون والأعمال اليدوية، مثل عشرات من الشابات والنساء الموهوبات في المدينة، وأضافت لعملها أساليب جديدة مثل الطباعة العادية والحرارية، وإضافة قصاصات الورق حسب تصاميم عصرية مميزة وبأسعار مناسبة، وتطمح بتوسيع عملها أكثر في المرحلة المقبلة.