بعد قصص كثيرة عن استهداف قوات النظام للفلاحين في أراضيهم، يقدم “أبو قاسم” برفقة زوجته، حاملاً دمه على كفيه ليقطف موسم الكرز لديه، في بستان يقع بين بلدة البارة ومدينة كفرنبل الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري منذ أربع سنوات.
تشتهر منطقة جبل الزاوية منذ عشرات السنين بزراعة فاكهة الكرز بمختلف أنواعه، ويبدأ قطاف الكرز في أواخر شهر أيار حتى بداية تموز.
“أبو قاسم”، 54 عاماً، أب لثلاثة أولاد، نازح من بلدته البارة ومقيم في مدينة إدلب منذ سيطرة النظام الأخيرة على قرى ريف إدلب الجنوبي، يتردد إلى أرضه القريبة من خط التماس مع النظام بين الحين والآخر، ومع بداية موسم الكرز يتوجه إليها لجني موسم انتظره عاماً كاملاً.
تتعرض بلدة البارة والقرى القريبة من خط التماس مع النظام لقصف دائم وبشكل شبه يومي، وهذا ما يزيد الخوف والرعب عند “أبو قاسم” وفلاحي جبل الزاوية بشكل عام.
يقطف “أبو قاسم” حبات الكرز، وأذناه صاغيتان لصوت انطلاق قذيفة من جهة النظام في أي وقت، ليركض مرتعباً ويختبئ خلف صخرة أو جذع شجرة، يقول: “لقمة مغمسة بالدم، الرعب والخوف يهدّ جسدي كلما أتيت إلى هذه الأرض”.
فقد الكثير من أهالي كفرنبل والقرى المحتلة من قبل قوات النظام موسمهم، وبات يسكن أغلبهم في المخيمات يصارعون وضعهم المعيشي السيئ في ظل غلاء كافة الاحتياجات المنزلية.
يقول “أبو قاسم” إنه ينتظر هذا الموسم من العام إلى العام، فهو لا يملك دخلاً مادياً آخر سوى منتجات هذه الأرض.
قبل الحرب في سوريا، كانت أكثر المحافظات المستهلكة لهذه الفاكهة محافظة حلب، وبسبب إغلاق المعابر بين مناطق الشمال السوري والنظام في أغلب الأحيان، قلّ الطلب عليها بشكل كبير.
هذا العام، تعتبر أسعار تلك الفاكهة جيدة نوعاً ما، وذلك بسبب افتتاح المعابر أمام تصديرها إلى مناطق النظام بشكل عام، ومحافظة حلب بشكل خاص.
“أبو محمد”، 61 عاماً، صاحب محل لبيع المواسم الزراعية “بالأمانة” في سوق الهال بمدينة أريحا، يقول: “للكرز أنواع عدة، أول نوع يتم قطافه هو الفرعوني، ثم يليه الطلياني، وأبو حز”.
يتراوح سعر الكرز حسب نوعه وجودته، يحدثنا “أبو محمد” عن أسعار الكرز، فيقول: “الكرز نوع أول سعره يصل إلى 70 ليرة تركية، وينخفض سعره بشكل تدريجي حسب جودته”.
والجدير بالذكر أن قوات النظام استهدفت العام الماضي عائلة كاملة في قرية قوقفين جنوبي إدلب، كانت تقطف ثمار الزيتون، وراح ضحيتها 11 شخصاً بينهم أطفال ونساء.