وقعت سارة (اسم مستعار) لفتاة عشرينية مقيمة في إدلب شمالي سوريا، في فخ الابتزاز الإلكتروني بعد تواصلها مع إحدى الصديقات بهدف التعارف، وبعد أشهر من التواصل والثقة وتبادل المعلومات الشخصية والصور الخاصة، اكتشفت أن صديقتها شاب استغلها وبدأ يبتزها بصورها الخاصة ومعلوماتها الشخصية وهددها بنشرها في حال عدم دفع مبالغ مالية كبيرة له.
تقول في حديثها إلينا واصفة ما حصل معها بأسوأ تجربة مرت بها تنم عن عدم خبرتها في مواقع التواصل الاجتماعي وجهلها بأساليب الاحتيال والكذب والاستغلال في الفضاء الإلكتروني: إن “قصتي بدأت بتعارف طبيعي بين الأصدقاء عبر فيسبوك، وشعرت أنها قريبة مني باهتماماتها ومنشوراتها اليومية، ثم تطورت العلاقة إلى صداقة وثقة متبادلة ولم أكن أعلم أن الشخص الذي أتحدث معه شاب يقوم بتسجيل المحادثات والصور ثم يهددني بنشرها إذا لم أدفع له”.
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في عصر الإنترنت والتكنولوجيا جزءاً هاماً من الحياة اليومية، لكنها سلاح ذو حدين ولا تخل من التحديات التي وصلت لمرحلة الجرائم الرقمية، خاصة باستهداف النساء والفتيات وابتزازهن إلكترونياً بغية الحصول على مكاسب مالية أو خدمات معينة كما حدث مع الشابة “سارة” التي دخلت في حالة اكتئاب وخوف وقلق من العنف الذي تعرضت له وسط غياب جهات مختصة في ملاحقة هذه الجرائم ووضع حد لها.
ويأخذ العنف الرقمي أشكالاً عدة منها الاستغلال المادي أو الجنسي والابتزاز والتحرش والتشويه وانتحال الشخصية والتشهير والتنمر، وغيرها من الأشكال الأخرى وكلها تدور في فلك العنف ضد المرأة، إذ تتعرض كثير من النساء في حياتهن اليومية، لأشكال مختلفة من العنف، تؤثر بشكل سلبي على حياتهن الشخصية والعملية.
ويعد الابتزاز الإلكتروني عملية تهديد من شخص ما بنشر معلومات أو صور أو مقاطع فيديو خاصة به على الإنترنت أو إرسالها لأطراف أخرى بهدف الاستغلال المادي أو الجنسي أو الاجتماعي أو غير ذلك، باعتباره أحد أكثر أنواع العنف انتهاكاً لحقوق الإنسان ولاسيما المرأة، باعتبارها أكثر عرضة لهذا النوع، وله آثار سلبية خطيرة على صحتها النفسية والاجتماعية، حسب ما أكدته الأبحاث والدراسات بهذا الخصوص.
وتنشأ عن تلك العمليات تأثيرات نفسية واجتماعية خطيرة قد تصل بالضحية إلى مرحلة الاكتئاب أو الانتحار في بعض الحالات، بسبب الخوف من الفضيحة والتعرض للوصمة الاجتماعية، وتجنب التواصل مع الآخرين خوفاً من انتشار المعلومات أو الصور.
وفي حديث سابق مع ناشطة ومدربة أمن رقمي، أفادت بأن”الأسباب وراء زيادة ظاهرة انتشار الابتزاز الإلكتروني تختلف حسب البيئة، فيما يبقى السبب الرئيسي هو عدم وجود قوانين رادعة يمكنها أن تساعد في الحد من العنف الرقمي، كما أن ازدياد نسبة وجود الناس على الإنترنت عزز من هذا الأمر، فضلاً عن زيادة نسبة البطالة بين الشباب وقضاء ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأضافت أن الفروقات الجندرية التي فرضت على النساء ساعدت في أن تبقى ضمن دائرة العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي امتد إلى فضاء الإنترنت.
وعن طرق الوقاية من العنف الرقمي ونشر الوعي حول مخاطر الابتزاز الإلكتروني وطرق الحماية منه، ذكرت المدربة أنه يجب أن نستخدم كلمات مرور قوية جداً وتفعيل التحقق بخطوتين لحسابات التواصل الاجتماعي، وتقديم الدعم النفسي للضحايا لمساعدتهم في تجاوز الصدمة، مؤكدة أن أهم ما يجب القيام به عند التعرض للابتزاز هو عدم الرد على الشخص المبتز وإغلاق جميع الطرق التي يمكنه أن يتواصل من خلالها مع الضحية، بالإضافة إلى عدم الاستجابة لطلباته من دفع أموال أو غير ذلك وعدم حذف المحتوى الذي يتم الابتزاز به أو رسائل التهديد لأنها تعتبر دليلاً يمكن أن يساعد الضحية في تخطي حالة الابتزاز.