شارفت السيدة الثلاثينية “أمينة”، المقيمة في تجمع سكني للنازحين في منطقة البردغلي شمال إدلب، على إنهاء رحلة علاج ابنها ذو الأعوام الثلاثة من الإصابة بمرض التهاب السحايا، بعد تطمينات من الطبيب المشرف على حالته بأنه تجاوز مرحلة الخطر وهو بصحة جيدة.
يعرف مرض السحايا بأنه التهاب يصيب الأنسجة المحيطة بالمخ والنخاع الشوكي، وينتج عادة عن عدوى فيروسية أو جرثومية، وهو مرض خطير يتطلب رعاية طبية فورية وعزلاً عن باقي أفراد الأسرة بشكل مؤقت، إذ تزداد فرصة انتشاره بين الأفراد الذين يعيشون في تجمعات سكانية مكتظة تفتقر إلى البنية التحتية والمرافق الخدمية، كحال كثير من المخيمات العشوائية في شمال غربي سوريا.
تقول “أمينة” إنها عاشت أصعب الأوقات خلال الأسابيع الماضية إلى حين تماثل ابنها للشفاء منذ لحظة تشخيص الطبيب حالته بالتهاب السحايا، تخبرنا أن الحرارة المرتفعة لم تفارقه لعدة أيام، إضافة إلى ظهور أعراض المرض وهي صداع وبكاء مستمر واستفراغ واختلاجات في بعض الأحيان وتصلب في الرقبة.
انتشار الأمراض والأوبئة هي أبرز التحديات التي تواجه الأهالي في الشمال السوري مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث تزيد نسبة الإصابة بالأمراض الجلدية والتهاب السحايا والحصبة واللشمانيا وغيرها من الأمراض الأخرى بشكل مضاعف، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً لمنع انتشارها وتوفير العلاج لها.
وأفاد مصدر طبي لمراسلة SY24 عن ارتفاع حالات الإصابة بمرض التهاب السحايا بين أهالي المخيمات والتجمعات السكانية ذات الكثافة المرتفعة، خاصة المفتقرة للخدمات الأساسية، حيث يزيد نقص المياه النظيفة وانتشار حفر الصرف الصحي المكشوفة قرب المخيمات السكنية من مخاطر الأمراض والأوبئة.
ومؤخراً، حذرت منظمات طبية من تزايد المخاوف حول كارثة إنسانية متوقعة في المنطقة نتيجة خفض التمويل الدولي للقطاع الصحي، إذ انخفضت كل المنح الدولية الممولة للقطاع الصحي في شمال غربي سوريا بنسبة 60 بالمئة، وسط ارتفاع احتياجات السكان للخدمات الطبية، وتزايد الضغط على المرافق الصحية المستمرة بالعمل بعد توقف عدد كبير من المنشآت الطبية.
وكان لوقف تنفيذ مشاريع الإصحاح من أعمال الصرف الصحي وترحيل النفايات وتأمين المياه النظيفة والتوعية الصحية وتوزيع سلال النظافة في عدد من مخيمات شمال غربي سوريا، التي بلغ عددها 194 مخيماً، أثراً كبيراً في انتشار الأمراض والأوبئة بسبب تراكم القمامة، وامتلاء الجور الفنية بمياه الصرف الصحي، ونقص مياه الشرب.
يأتي ذلك في ظل ضعف الاستجابة الإنسانية ضمن القطاعات الطبية وتهديد مئات الآلاف من المدنيين في المخيمات بعدم وجود أي بدائل أو حلول في الوقت الحالي، وسط مطالبات من جميع الجهات المانحة للقطاع الطبي في الشمال السوري بعودة الدعم المقدم لتلك المشافي.