مع استمرار موجة من التظاهرات الشعبية ضد هيئة تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني في منطقة إدلب، تتصدر المشهد تساؤلات عدة حول دوافع هذه الاحتجاجات، وهل هي صراع على السلطة أم تعبير عن مطالب شعبية مشروعة؟
وترى مصادر محلية أنه من الصعب التنبؤ بمستقبل هذه الاحتجاجات، فمن الممكن أن تستمر وتزداد قوة، أو أن تتمكن هيئة تحرير الشام من قمعها، لكن ما هو مؤكد هو أنّ هذه الاحتجاجات تُظهر أن سكان إدلب لم يعودوا يتحملون الظلم والقمع، وأنهم يطالبون بتغيير حقيقي، حسب تعبيرهم.
وقال ناشط سياسي من منطقة إدلب لمنصة SY24، إنه “لا يوجد صراع على السلطة ولا أحد ينافس على السلطة ولا أحد يريدها، فقط ما يريده الناس حكماً عادلاً ومزيدا من الحريات والحقوق والكرامة وإطلاق سراح المعتقلين وعدم الاستئثار بالقرار”.
وتزامناً مع المظاهرات الشعبية التي تنادي بإسقاط الجولاني، تم اعتقال العشرات من المتظاهرين خلال الأسابيع الماضية، حيث يدعو البعض إلى إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.
ويعاني سكان إدلب من ظروف اقتصادية صعبة، مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتدهور قيمة العملة المحلية، في حين تُتهم هيئة تحرير الشام بالفساد وسوء استغلال السلطة.
من جهته، قال مأمون سيد عيسى المهتم بالشأن السياسي والإغاثي في الشمال السوري لمنصة SY24، إنه “لم يخرج أحد من الحراك ليقول إنه يريد السلطة بل الجميع يتكلم وينادي بإدارة مدنية ومجالس محلية منتخبة مكان السلطة الحالية في إدلب ضمن حلول ليست صفرية”.
وأضاف أن “السلطة ليست مكسب في بلد 90 % منه تحت خط الفقر وثلاث أرباع المليون خارج التعليم وبه أكثر من مليوني نازح، ولا أحد يتمنى السلطة في هكذا ظروف، لكن السلطة المنتخبة إن سمح بذلك يمكن أن تغير تصنيف المنطقة الأسود وبالتالي تسمح بدخول الاستثمارات وبدء نشاط اقتصادي، إضافة إلى جلب تمويل للمشاريع التابعة للمجالس المحلية من دول العالم، وهذا سوف يحسن وضع السوريين في المنطقة”.
ولفت إلى أن “السلطة يجب أن يستلمها تكنوقراط محترمون ملتزمون بأهداف الثورة والمشروع الوطني”، حسب تعبيره.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن الاحتجاجات هي تعبير عن غضب شعبي متراكم من سوء إدارة هيئة تحرير الشام للمنطقة، وأن المطالب الشعبية هي حقيقية وليست مدبرة من قبل جهات أخرى، حسب رأيهم.
في المقابل، تنفي هيئة تحرير الشام الاتهامات الموجهة إليها، وتتهم بعض الجهات الداخلية والخارجية بالوقوف وراء التظاهرات بهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتؤكد الهيئة على سعيها لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين ومكافحة الفساد وتعزيز الأمن والاستقرار.
الحقوقي عبد الناصر حوشان، رأى في حديثه لمنصة SY24، أن “ما يجري له أكثر من دافع، فهناك فئة تطالب بالعدالة في التمثيل في الإدارة و توزيع الموارد بالتساوي مع بعض المناطق التي سيطر أبناؤها على الإدارة والموارد”.
وتابع “وهناك فئة أهالي الموقوفين أو المحكومين الذين يطالبون بإطلاق سراحهم وإلغاء الأمن العام، كما أن هناك فئة تدفعها تراكمات الاقتتالات الفصائلية السابقة، وهذه أغلبها من بقايا الفصائل التي فككتها الهيئة وهي تدفع باتجاه تفكيك الهيئة”.
وأضاف “ثم يأتي قسم آخر من الحراك وهو من أبناء المناطق والمحافظات المحتلة، وهؤلاء مطالبهم بفتح معارك التحرير لتمكينهم من العودة اليها”.
ومؤخراً، أطلق ناشطون على منصة “إكس” هاشتاغ بعنوان “إدلب في خطر” للفت الأنظار إلى ما تتعرض له المحافظة من حالة توتر أمني وعدم استقرار.