قبل ست سنوات، هاجر “أبو محمود” من الغوطة الشرقية، حاملاً معه مهنة صناعة قمر الدين التي ورثها أباً عن جد، ليفتتح معملاً خاصاً بتلك الصناعة في مدينة بنش شرقي إدلب.
يعد قمر الدين من أهم الصناعات الغذائية التي يعمل بها غالبية سكان الغوطة الشرقية، وذلك لطبيعة مناخها المناسب وتوفر فاكهة المشمش التي تعتبر المكون الأساسي لهذه الصناعة.
“أبو محمود” رجل أربعيني، مهجر من مدينة عربين في الغوطة الشرقية ومقيم في مدينة بنش شرقي إدلب، بعد تهجيره إلى الشمال السوري، افتتح معملاً خاصاً بصناعة قمر الدين رغم قلة توفر المكون الأساسي وضعف جودته مقارنة مع فاكهة الغوطة الشرقية.
يعمل “أبو محمود” في صناعة قمر الدين مدة شهرين فقط في العام، خلال فترة موسم المشمش، يقول: “صناعة قمر الدين تحتاج إلى فاكهة طازجة وهذا ما يجبرني على افتتاح معملي خلال شهري حزيران وتموز فقط، أي فترة موسم المشمش”.
يشتري “أبو محمود” المشمش الطازج من الأسواق المحلية، ويقوم بغسله وتنظيفه من الشوائب، ثم يبخره بمادة زهر الكبريت ليعقمه من الحشرات الزراعية.
يتحول المشمش بعد غسله وتبخيره إلى مرحلتين متتاليتين: الأولى نزع النواة من الثمرة، والثانية وضع المشمش في آلة تسمى “العصارة” حتى يعصر ويصبح ناعماً.
يقول: “بعد مرحلة العصر، يضاف إليه القطر، ويسكب في ألواح خشبية ويوضع تحت أشعة الشمس لمدة 4-5 أيام، ثم يدهن بزيت الزيتون ويقطع ويغلف ويطرح في الأسواق”.
يعتبر قمر الدين من أهم المشروبات الرمضانية التي تتواجد على مائدة الإفطار، كما يقدم للضيوف كنوع من أنواع المشروبات الباردة خلال فصل الصيف، تقوم “راما”، سيدة أربعينية تقيم في مدينة أريحا، بشراء كمية كافية من شرائح قمر الدين، وتعمل على تذويبه في الماء وتقديمه للضيوف.
يحتوي قمر الدين على نسبة عالية من العناصر الغذائية والفيتامينات بما فيها السكريات والكالسيوم، التي تساعد في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
يختم “أبو محمود” حديثه مع منصة SY24، وهو يستذكر أيام حصار قوات النظام لأهالي الغوطة الشرقية، فيقول: “كان قمر الدين من أفضل الوجبات المتوفرة لدينا، يسد رمق عطشنا ويسكت آلام الجوع في بطوننا”.