القتل الرحيم هو فعل أو مُمارسة تُؤدّى للحدّ من آلام الأشخاص الذين يُعانون من مَرضٍ مؤلمٍ وغير قابل للشفاء، أو عجز في الجسد، مثل منع العلاج عن المريض ممّا يؤدي إلى موته، قد يُقرّر الطبيب الذي يعالج المريض في حال معاناة المريض الشديدة بشكل قانوني عدم إطالة أمد الحياة، كما أنّه قد يُعطيه بعض الأدوية المُخدِّرة التي تخفّف عنه الألم، الأمر الذي يُؤدّي إلى تقصير حياته.
وهذا ينطبق على الدول التي تسعى إلى ممارسة هكذا قتل باستخدام كل الأسلحة التي أنتجتها مصانعها الحربية مع استبعاد الأسلحة الكيماوية.
موت بلا دماء في دوما، طال أكثر من مئتي شهيد من الأطفال والنساء والشيوخ، ومئات من حالات الاختناق إثر غارات للنظام السوري المجرم وروسيا بالسلاح الكيميائي على المدينة.
الإبادة الجماعية دارت في الغوطة تحت أنظار الجميع، والعالم لم يقف متفرجاً على إبادة الشعب السوري بل وقف ضد كل من أراد أن يتحرك لنجدته.
قوات الأسد المدعومة من طيران الاحتلال الروسي قامت بتنفيذ أكثر من 270 غارة جوية، كل غارة محملة ب 6 صواريخ شديدة الانفجار وجميع الأسلحة المحرمة دولياً، في إطار حملة إبادة جماعية واجهتها المدينة.
النظام وروسيا استخدموا النابالم الحارق والفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية بالإضافة إلى البراميل المتفجرة التي تخطت الـ 70 برميلا وصواريخ الغراد والأرض أرض.
وهذه الإبادة الجماعية العلنية والتي تناقلتها الفضائيات بكل برودة أعصاب ودم بارد، ولم تهتز مشاعر الناس بكل الكوكب، وكأننا لسنا بشراً نستحق الحياة.
أكثر من85 هجوماً بالسلاح الكيميائي في سوريا موثقاً لدى الأمم المتحدة، والنظام الذي قتل 1500 مدني في الغوطة في مجزرة الكيماوي الشهيرة، في أغسطس 2013، هذه المذابح والمجازر تمت بتخاذل وتواطؤ دولي ورعاية أممية، والقوى الكبرى هي التي تتحكم بالمشهد وهي التي ترعى المجازر المروعة ضد الشعب السوري، وبدعم سخي من عدد من الحكومات العربية والإسلامية.
وبعد أن ضيّق النظام الحصار عليها بشكل أكبر، أرغم أهلها على الرضوخ لأكبر وأخطر عملية تهجير سكانية بعد سيطرته على أراضي الغوطة الشرقية، وذلك في أكبر عملية تهجير قسري حدثت في التاريخ الحديث.
وشهدت مدن وبلدات الغوطة الشرقية حملة عسكرية شرسة انطلقت في شهر شباط الماضي، استخدمت فيها قوات النظام وروسيا كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، ترافق ذلك مع عملية حصار خانق، وهو ما أجبر السكان الذي كان يبلغ عددهم نحو 400 ألف مدني على الهجرة بشكل قسري إلى الشمال السوري، تنفيذاً للإرادة الدولية بالتغيير الديموغرافي للمنطقة وترحيل أهلها وإحلال الميليشيات الإيرانية بدلا عنهم.
والنظام السوري أجبن من أن يتجاهل أميركا والغرب، واستباحة الغوطة بالطريقة التي شهدناها أمر متفق عليه حتى من قبل دول العالم الإمبريالية المرتزقة (دول النهب) التي توظف القتلة وترش على الموت بيانات وأكاذيب منمقة، وهي تتحرك عبر منظومة الديكتاتوريات العربية المعينة من قبلها.
بعد مجزرة الغوطة لم يعد هناك كلام يقال، الشعب السوري ترك لوحده، وهو مستمر بثورته للقضاء على مجرمي الحرب وتقديمهم للعدالة، وتحقيق حريته وكرامته ليستمر بالحياة بعد تحقيق انتصار ثورته.
وللرد على مجزرة الكيماوي الأخيرة، اجتمعت الدول العظمى (أمريكا وفرنسا وإنكلترا) واتفقت على تأديب النظام القاتل ضمن حملة استعراضية بائسة.
وانتهى حفل الألعاب النارية ضد نظام الأسد المجرم والذي شاركت في إحيائه عدداً من دول العالم الكبرى، بالاتفاق مع روسيا والموافقة المطلقة من قبل إيران ونظام الأسد.
الانتصار والبهجة يشمل جميع المشاركين، والكل خرج سعيداً بانتهاء هذا الحفل الاستعراضي إلا الشعب السوري الذي خرج خاسراً، مع اتفاق الجميع على استمرار إبادته لكل سوري ثار على نظام القتل والإجرام، والاتفاق بين هذه الدول على تهجير ما تبقى منه، مع إرسالهم برقيات تهنئة لبشار الأسد على حسن إدارته لعمليات الإبادة والطلب منه برجاء عدم استخدام الأسلحة الكيميائية مرة أخرى مع التهديد بالغضب منه لإرغامهم على العودة مرة أخرى لاستكمال مسلسل محاربته، مع تأكيدهم أنهم لا يريدون تغيير النظام.
الضربة العسكرية من قبل التحالف الثلاثي جاءت لتقوي النظام السوري وتمنحه شرعية ليفعل ما شاء بحجة أنه “ممانع ومقاوم وعدو لإسرائيل وأمريكا”.
وأكد الباحث الإسرائيلي “ايدي كوهين”: “لا توجد دولة في العالم تريد إسقاط الأسد حتى (إسرائيل) لن تسمح بإسقاطه لأنه يحمي حدودها منذ عام1967”.
وكانت تصريحات الرئيس الأمريكي “ترامب” على “تويتر” ألهبت المشاعر مع ارتفاع سقف التوقعات، فقد هدد بالقضاء على “الحيوان” بشار الأسد وفق وصفه، مع إخراج إيران والميليشيات الشيعية من الأراضي السورية.
أيام مرت وسقف تهديداته يرتفع مع تسريبه لروسيا المواقع التي ينوي قصفها، مما أتاح لنظام الإجرام الأسدي نقل الأسلحة والمعدات والذخائر وجنوده القتلة إلى أماكن أخرى آمنة.
لعبة دولية تضاف إلى جرائم الدول التي شاركت في قتل الشعب السوري، والدول التي حمت النظام القاتل ودعمته، والدول التي حرمت الشعب السوري من الحصول على الأسلحة التي تمكنه من حماية المدنيين، وإسقاط النظام القاتل.
سبع سنوات مرت على الشعب السوري وهو يعاني من تآمر العالم وخذلانه، ومن وقوفه مع النظام المجرم وتزويده بمعدات القتل والأسلحة المتطورة والمال، والمؤلم أن هناك دول عربية وإسلامية وقفت ولا تزال مع النظام المجرم، وهي تتكفل بدفع فاتورة دماء السوريين.
من فضائل الثورة السورية أنها كاشفة للجميع، وقد أسقطت الأقنعة عن وجوه من يدعون الحضارة والإنسانية، ويتشدقون بحقوق الإنسان، كما فضحت دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الداعم لنظام بشار المجرم.
نعم لقد تصافح القادة القتلة، وقبضوا ثمن تدمير سوريا وتهجير أهلها، وتبادلوا أنخاب الانتصار على دماء السوريين.