يتجول “مصطفى” بين سيارات النقل العام في كراج مدينة إدلب، يمد يده أمام المارة طالباً منهم المساعدة بإعطائه قطع من المال، ليعيل بها جدته المريضة.
انتشرت ظاهرة التسول في الشمال السوري بشكل كبير جداً خلال السنوات الأخيرة، وتركز عمل المتسولين في المدن الكبير المكتظة بالسكان.
“مصطفى” طفل في العاشرة من عمره، نازح من ريف سراقب ومقيم في مخيم عشوائي غربي مدينة إدلب، لجأ إلى التسول بعد أن طلاق والديه وتخليهما عنه، ليعيش مع جدته المريضة دون معيل يأمن دواء جدته أو قوت يومهم.
يخرج “مصطفى” كل صباح يتجول في كراج مدينة إدلب ويطلب المال من الرجال والنساء، يقول: “جدتي لا يمكنها الاستغناء عن الدواء أبداً فهي تعاني من ألم في مفاصل قدميها ودسك في ظهرها، إضافة إلى مصروف يومنا، هذا ما يجبرني إلى طلب المساعدة من الناس “.
يعود إلى خيمته، بعد أن يجمع مصروف يومه وثمن دواء جدته، يقول: ” أحياناً أعود بعد الظهيرة، ومعظم الأيام أعود بعد المغرب، حسب ما أجمع من المال خلال النهار”.
يشير أخصائي البحث الاجتماعي في الشمال السوري أن ظاهرة التسول لها شقين، الأول: هو الحاجة فعلاً للمال والمساعدة في ظل انتشار البطالة وقلة فرص العمل وقلة المساعدات الإنسانية، أما الشق الثاني: فهي عادة كسبها الأبناء من الآباء وأصبحت مصدر رزق لهم دون حاجتهم لبذل جهد كبير، بغض النظر عن الضغوطات النفسية التي تأقلموا عليها مع مرور الوقت.
يزداد نشاط المتسولين بشكل ملحوظ خلال فترة الأعياد وأيام البازارات وفي الأسواق الرئيسية للمدن.
” أم هاني” سيدة أربعينية، تسكن في مدينة أريحا، لفت انتباهها أثناء جولتها في سوق المدينة ليلة العيد كثرة المتسولين في الشوارع التي لم تعتاد على رؤيتهم بهذا العدد من قبل، تقول: ” أغلب المتسولين أطفال لا يتجاوز عمرهم 10 سنوات، إضافة إلى رجال ونساء يجلسون على حافة الرصيف ويضعون أولادهم في أحضانهم ويطلبون المال من الناس المارة”.
انخفاض أو انعدام المساعدات الإنسانية في كثير من مخيمات الشمال السوري، وموجات التهجير القسري بين فترة وأخرى، إضافة إلى انتشار البطالة وقلة فرص العمل، جميع هذا العوامل كانت سبباً رئيسياً في زيادة تلك الظاهرة.