تكتسي شوارع وحارات الشمال السوري بألوان الزينة البراقة وصور الكعبة الشريفة والأعلام والبالونات مع عودة حجاج بيت الله الحرام سالمين إلى ديارهم، وتُعَدُّ هذه الطقوس الفريدة من نوعها رمزًا للفرح والسرور، حيث يحتفظ السكان بهذه التقاليد المميزة التي تعبر عن فرحة العودة واستقبال الغائبين.
تعود تقاليد تزيين المنازل والحارات الشعبية في الشمال السوري لاستقبال الحجيج إلى مئات السنين، تقول “وهيبة”، البالغة من العمر 35 عامًا والمقيمة في مدينة إدلب، إنها قامت بشراء زينة خاصة لاستقبال أهلها العائدين من الحج، تتضمن حبائل معلقة بقطع كرتونية تحمل صور الكعبة الشريفة ونجومًا ومساجد بألوان ذهبية وفضية براقة.
تعبر “وهيبة” عن هذه الطقوس، بقولها: إن “تزيين المنزل قبل قدوم الحجاج هو أجمل الطقوس المرافقة لعودتهم، يعبر عن الاشتياق لهم والفرح بعودتهم سالمين، ويضفي روحانية على المنزل وزواره”.
وتنشط صناعة الزينة المنزلية في إدلب على يد عدد من النساء اللواتي امتهنَّ هذا العمل كأحد مشاريع الفنون اليدوية غير المكلفة.
“أم نور”، البالغة من العمر 30 عامًا، هي واحدة منهن، تعمل من منزلها في صناعة قطع الزينة باستخدام أدوات بسيطة، وتعد موسم الحج فرصة عمل كبيرة لها وللسيدات أمثالها.
تقول “أم نور”: “لاقت منتجاتي إقبالًا كبيرًا هذا الموسم، وبدأت بحجز الطلبات قبل عيد الأضحى بعدة أيام، لإنجازها في الوقت المحدد قبل وصول الحجاج”.
تتميز زينة الحج بأشكالها المستقاة من أفكار دينية، وتصنع من مواد أولية مثل ورق الإيفا والكرتون، تقوم “أم نور” بصنع أشكال مشابهة للكعبة المكرمة ورسومات للمسجد النبوي، بالإضافة إلى أعلام وعبارات معبرة عن المناسبة، وتستغرق هذه الصناعة وقتًا كونها تتطلب الدقة في الإنجاز والرسم والتصميم.
تعد هذه التقاليد العريقة والاستعدادات المبهجة لاستقبال الحجاج جزءًا لا يتجزأ من التراث السوري الغني، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها سكان الشمال السوري، تشكل هذه الفعاليات فرصة للتعبير عن الفرح والاحتفاء بعودة الأحباب، مع الحفاظ على التراث وإبداع النساء في صناعة الزينة اليدوية.