من مخيم الهول إلى الديار: العائدون يحيون أفراحهم بين أهاليهم

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – SY24

 أحيت العائدات من مخيم الهول إلى مناطقهن في شمال شرق سوريا عيد الأضحى بتجارب مختلفة، تجمع بين الأمل والحنين للحياة. فبينما كانت فرحة العيد داخل المخيم مشوبة بالمعاناة والظروف الصعبة، فإن الفرحة خارج المخيم حملت طابعاً مختلفاً تماماً، مليئة بالأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل. جسّدَ هذا العيد بالنسبة لهن لحظة استثنائية لاستعادة بعضٍ من الحياة الطبيعية والتمتع بمظاهر الاحتفال التي افتقدنها لفترة طويلة.
 
وبعد سنوات من المعاناة في مخيم الهول، احتفلت العائدات إلى مناطقهن في ريف دير الزور بعيد الأضحى هذه السنة بشكل مختلف بين الأهل والجيران. والتقت SY24 بمجموعة من النساء اللواتي تحدثن عن الفروقات الشاسعة بين أجواء العيد داخل المخيم وخارجه.
 
أجواء العيد داخل مخيم الهول
 
داخل مخيم الهول، كانت الحياة تتسم بالحرمان والشقاء، حيث عانت النساء من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الماء والغذاء وتدهور شبكات الصرف الصحي، إلى جانب غياب فرص العمل والتعليم. أما فيما يخص أجواء العيد، تحدثت النساء عن فعاليات محدودة كان يتم تنظيمها داخل المخيم لإدخال البهجة إلى قلوب الأطفال من قبل بعض المنظمات الإنسانية، تتضمن ألعابًا شعبية وتوزيعاً للحلويات.
 
وكان الأطفال في العيد يعيشون مشاعر مختلطة من الفرح والألم، إذ كانت مظاهر الاحتفال تدخل البهجة إلى قلوبهم، لكنها في الوقت نفسه تذكرهم بواقعهم الصعب وبألم الفراق والحرمان. وبسبب ضعف الإمكانيات من توفر الملابس الجديدة والألعاب المادية، كان الأطفال يلعبون ألعابًا شعبية تقليدية مثل لعبة “الغُميضة” ويتبادلون الحلويات فيما بينهم، محاولين خلق لحظات من السعادة في وسط ظروفهم القاسية. بعض الأطفال كانوا يعبّرون عن حنينهم إلى ديارهم ومنازلهم التي تركوها بسبب الحرب، ويتذكرون احتفالاتهم السابقة بالعيد، بينما كان آخرون لا يعرفون من العالم سوى المخيم.
 
بالإضافة إلى ذلك، كانت العديد من العائلات تعاني من ظروف نفسية قاسية داخل المخيم نتيجة الصدمات التي تعرضت لها خلال الحرب. هذا الوضع كان يؤثر سلباً على مشاعر الأطفال في العيد، حيث كانوا يعانون من فقدان الشعور بالأمان داخل المخيم، مما يعوق قدرتهم على الاستمتاع بالاحتفالات.
 
العيد خارج مخيم الهول
 
مع عودة الكثير من النساء إلى منازلهن، تغيرت الظروف بشكل جذري. فقد استعدن حريتهن وإحساسهن بالأمان، وتمكنّ من توفير احتياجاتهن الأساسية والاستمتاع بأجواء العيد بين أحبائهن.
 
العيد خارج المخيم أعاد إلى هؤلاء النساء طعم الحياة الطبيعية، الذي كان الحنين إليه والأمل في استعادته يشكلان العنوان العريض لحياتهن في المخيم. الآن، يتفاءلن بمستقبل أفضل، بعيداً عن تلك الظروف القاسية التي مررن بها.
 
العيد.. فرصة للاندماج في المجتمع
 
يُشكّل العيد فرصة كبيرة لدى النساء العائدات من مخيم الهول للاندماج في مجتمعهن الجديد، حيث الأجواء المميزة والزيارات المتبادلة بين العائلات والجيران، مدفوعات بحنينهن إلى الحياة الطبيعية والعلاقات الاجتماعية.
 
في هذا السياق، تبادر بعض العائلات في المناطق المستقبلة للعائدات بتقديم الدعم والمساندة لهن من خلال تبادل الهدايا والزيارات والمساعدة في توفير احتياجات العيد، مما يساهم في تعزيز شعورهن بالانتماء والاندماج.
 
كما تنظم بعض المنظمات الإنسانية فعاليات تهدف إلى تعزيز التواصل والاندماج بين العائدات والمجتمعات المستقبلة، عبر أنشطة ترفيهية وثقافية مشتركة، مما يوفر لهن فرصة ثمينة للتفاعل والاستمتاع بأجواء العيد. في حين تُبادر بعض المنظمات الإنسانية ببرامج توعوية لمكافحة الأفكار المتطرفة ونشر ثقافة التسامح والقبول بين أفراد المجتمع.
 
كيف كانت تحضيرات العيد؟
 
وتشمل تحضيرات النساء العائدات من مخيم الهول إلى ريف دير الزور للعيد العديد من المهام، أبرزها: تنظيف وتجهيز المنازل، إذ تقوم النساء بتنظيف بيوتهنّ بدقة وعناية وإعادة ترتيب أثاثها وإزالة آثار الحرب والدمار. من جانب آخر تُحضّر النساء مختلف المأكولات، خاصةً تلك التي ارتبطت بذاكرة العيد، كالكعك والمعجنات والحلويات وأهمها “الكليجة الديرية”.
 
وبفضل دعم بعض المتبرعين من أهالي القرى في دير الزور للنساء العائدات من مخيم الهول بمبالغ مالية بسيطة، تمكنت النساء من شراء الحلويات وملابس جديدة لأطفالهنّ وخاصةً ملابس العيد المميزة والمفعمة بالألوان.
 
تستقبل النساء العائدات من مخيم الهول هذا العيد بأمنيات مليئة بالأمل والفرح، متطلعات إلى حياة مستقرة بعيداً عن ظروف المخيم القاسية، وحالمات بلم شمل عائلاتهن وإعادة بناء حياتهن. يطمحن للعيش في بيوت آمنة بعيدًا عن الخوف والدمار، ويسعين للحصول على فرص عمل توفر احتياجاتهن وأسرهن، إضافة إلى توفير تعليم جيد لأطفالهن يؤهلهم لمستقبل أفضل.

وتؤكد الكثير من المنظمات الدولية ومن بينها “اليونيسيف”، أنه بالنسبة للأطفال في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن العيد هو وقت التجمعات العائلية الاحتفالية والملابس الجديدة والحلويات اللذيذة والهدايا، ولكن بالنسبة لآلاف الأطفال الذين يقطنون داخل مخيم الهول ليس لديهم سوى الملابس التي يرتدونها، لكنهم مفعمون بأمل الخروج من المخيم خلفاً لآلاف العوائل التي عاشت تجربة مميزة من العيد هذا العام.

مقالات ذات صلة