كل يوم، وقبل غروب الشمس بساعات قليلة، تجر “فاطمة” كرسي جدها المتحرك وإلى جانبها أخيها الأكبر، يدفع عربة صغيرة تحتوي على قدر كبير من الذرة الصفراء المسلوقة، إلى شارع عام في الحي الغربي من مدينة أريحا.
اعتاد السوريون على وجود عربات متنقلة لبائعي الذرة الصفراء في فصل الصيف، منتشرين في أماكن قريبة من المنتزهات الصيفية أو المطاعم والحدائق والشوارع الرئيسية.
“فاطمة” طفلة في العاشرة من عمرها، تقيم وعائلتها في مدينة أريحا بعد نزوحهم من ريف معرة النعمان قبل سنوات، خلال الحرب، أصيب جدها البالغ من العمر 69 عاماً بعدة شظايا في قدميه، مما أدى إلى بتر إحداها، أما القدم الثانية فهي لا تزال تخضع للعلاج حتى الآن.
يقول جد فاطمة “أبو أحمد” إن هذه الإصابة حرمته من الوقوف على قدميه بشكل نهائي، لهذا لجأ للبحث عن فرصة عمل بسيطة يؤمن من خلالها مصروفه الشخصي وثمن أدويته المستمرة منذ سنوات.
يساعد أحفاد “أبو أحمد” جدهم في شراء الذرة وسلقها ونقلها إلى مكان عام لبيعها. يقول: “حفيدي يشتري الذرة من سوق الهال في المدينة، وأخته تعمل على تنظيفها من الأوراق والشوائب، ثم يتعاونان على سلقها”.
بات البائع “أبو أحمد” معروفاً لدى معظم سكان الحي الغربي للمدينة، حيث اعتمد “أبو أحمد” مكان بيعه للذرة بالقرب من جامع سالم، عند ملتقى مفرق أربع طرق، يقول: “عند المساء، أذهب برفقة أحفادي إلى المكان المعتاد، نقف ساعات عديدة حتى نتمكن من بيع الكمية كلها”.
تتوزع عربات بائعي الذرة الصفراء في الشوارع العامة والحدائق خلال أشهر الصيف، ليشتري منها الكبير والصغير، وتمتاز بطعمها اللذيذ المفضل لدى الكثيرين وخاصة الأطفال منهم.
يقف الشاب “ياسين” 29 عاماً، يقيم في مدينة إدلب، عند أحد بائعي الذرة الصفراء في الحديقة العامة، يطلب من البائع أن يضع 5 عرانيس من الذرة الصفراء في قطع ورقية، ليكون كل واحد منها لأحد أفراد عائلته.
يقول: “بعض المحبين يفضل تناولها مع رشة ملح، وآخرون يحبونها مع السكر، وأنا أفضلها في الحالتين”.
تشكل الذرة الصفراء غذاء رئيسياً في الكثير من دول العالم، وتستخدم في إنتاج زيت الذرة والطحين والنشا، كما تعد الذرة من الأغذية الغنية بالفيتامينات والألياف التي تساعد على تحسين صحة الجهاز الهضمي والقلب وتحمي الجسم من الإصابة بفقر الدم.