لا تزال الكثير من العوائل في الشمال السوري تتمسك بعادة زواج الأقارب، حفاظاً على الروابط الأسرية بين الطرفين، دون إدراكهم خطورة هذا الزواج لما يخلفه من أمراض وراثية كثيرة.
” زهراء” سيدة في العشرينات من عمرها، أم لطفلين، تسكن في قرية كفرنجد جنوبي إدلب، تزوجت من ابن عمها بعد أن وقف في طريق أحد الخاطبين لها، لتكون زوجة له بعد فترة قصيرة، دون إدراكهما خطورة هذا الزواج وخاصة أن هناك نسبة كبيرة من العائلة متزوجة من أقاربها.
تقول: أن “غالبية أفراد عائلتها متزوجة من بعضها، ونادراً ما يتزوج أحدهم من خارجها، رغم انتشار أمراض وراثية كثيرة بينهم”.
رزقت “زهراء” بطفلين، إحداهما سليم والثاني يعاني من اضطرابات في الدم، بعد تشخيص الطبيب المختص تم اكتشاف وجود مرض “التلاسيميا” في الدم، الذي يحتاج الطفل من خلاله إلى تبديل دمه كل أسبوع.
تقول” زهراء” أن هذا المرض يبقي الطفل في حالة بكاء متواصلة بسبب ألمه، إضافة إلى ارتفاع حرارة جسمه الذي يجبرنا في كثير من الأحيان لإسعافه إلى المشفى، بعد أن تصبح حياته مهددة بالخطر نتيجة اضطرابات مرضه.
تجاهل الكثير من المقبلين على الزواج من إجراء فحوصات طبية ضرورية للطرفين قبل زواجهما، وذلك تجنب للكثير من الأمراض أبرزها التشوهات الخلقية والعقلية التي تخلق مع الطفل وترافقه حتى نهاية حياته.
” أبو رضوان” شاب ثلاثيني، أب لأربعة أطفال، يقيم في قرية سرجه جنوبي إدلب، تزوج من ابنة عمته مع بداية الحرب في سوريا، ولم يجري الفحوصات الطبية قبل زواجهما.
يقول: بأن ثلاثة من أولاده لا يعانون من أي اضطرابات صحية، أما الطفل الرابع فهو يعاني من اختلاجات عقلية، تفقده الوعد عدة ساعات، ثم يعود إلى الحياة من جديد.
وحسب ما أفاد طبيبه المختص أن الطفل يحتاج إلى عناية خاصة لتجنبه قد الإمكان حالة الإغماء، التي ربما ترافقه لسنوات قليلة أو حتى مماته، يعتمد ذلك على مدى توفير العناية به وعدد حالات الإغماء التي يتعرض لها الطفل في صغره.
حسب ما أفادت مصادر طبية أن أهم الأمراض المتعلقة بالوراثة المنتشرة في الشمال السوري هي أمراض الدم، ومن بينها التلاسيميا وفقر الدم المنجلي، إضافة إلى اضطرابات التخثر، أيضاً من الأمراض التي يمكن انتقالها إلى الأطفال التأخر العقلي، وأمراض نقص المناعة، والسكري، والكبد، وغيرها.