التعليم في الشمال السوري.. أزمة نقص المدارس العامة وتحديات الأقساط المرتفعة

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

يبحث “عصام”، 12 عامًا، عن مدرسة عامة لينتقل إليها بعد نجاحه إلى الصف السابع في منطقة سكنه بكفرلوسين شمال إدلب، لكن قلة عدد المدارس الإعدادية العامة دفعت عائلته للتفكير في خيارين: إما الالتحاق بالمدارس الخاصة ذات الأقساط المرتفعة، أو التخلي عن إكمال تعليمه والتوجه نحو العمل في مهن شاقة.

ويعاني طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية من نقص في عدد المدارس العامة، مما تسبب بازدياد عدد الطلاب في الصف الواحد ليصل أحياناً إلى خمسين طالباً في الشعبة الواحدة، هذا الاكتظاظ أدى إلى تراجع في مستوى الطلاب ورسوب عدد كبير منهم، ولا سيما طلاب الصف التاسع.

تقول “والدة عصام” إنها حريصة على تعليم ابنها، فهو من المتفوقين في المدرسة، مستبعدة فكرة خروجه إلى العمل حتى لو كلفها الأمر استدانة أقساط المدرسة لمتابعة تعليمه.

يأتي هذا في الوقت الذي تتخلى فيه العديد من العوائل في المنطقة عن متابعة تعليم أطفالهم، إما بسبب قلة عدد المدارس العامة وبعدها عن مكان السكن، أو لعجزهم عن دفع تكاليف المدارس الخاصة التي تصل إلى 300 دولار سنويًا للمرحلة الثانوية.

منصة SY24 رصدت أقساط المدارس الخاصة بشكل تقريبي في عدة مناطق، والتي تتفاوت بين مدرسة وأخرى، إذ تراوحت أقساط الصف الأول والثاني بين 125 و150 دولارًا للعام الدراسي الكامل، مع إمكانية دفعها على عدة أقساط شهرية.

في حين وصلت أقساط الصف الثالث والرابع إلى 150 دولارًا، وأقساط المراحل الإعدادية والثانوية إلى 250 دولارًا سنويًا، بينما بلغت أقساط بعض المدارس لطلاب الشهادة الثانوية بين 250 و300 دولار.

وفي تقرير سابق لمنصتنا تناول ملف التعليم الخاص، بلغ عدد المنشآت التعليمية المرخصة أكثر من مئتي مدرسة، إضافة إلى وجود المعاهد الخاصة ورياض الأطفال، والعدد قابل للزيادة هذا العام بسبب توجه كثير من رؤوس الأموال نحو الاستثمار في قطاع التعليم الخاص.

وقد سبب تضاعف عدد المدارس والمعاهد الخاصة في الشمال السوري مؤخراً تراجع دعم القطاع العام، الذي يعاني أساسًا من ضعف في الإمكانيات واقتصاره على الفئة الأولى فقط، مما دفع عجلة التعليم نحو “خصخصة” التعليم وأثار موجة غضب بين الأهالي الذين يعانون من ظروف مادية صعبة لا تسمح لهم بدفع تكاليف إضافية على التعليم الخاص.

تتبع المدارس الخاصة إدارياً إلى المجمع التربوي في مديرية التربية والتعليم في إدلب، وتدرس المناهج ذاتها الموجودة في مدارس التربية.

ويعود سبب ازدياد عدد المدارس والمعاهد الخاصة إلى ضيق المساحة التعليمية وقلة عدد المنشآت التعليمية التي تعرض قسم كبير منها للقصف من قبل الطيران الروسي وقوات النظام في السنوات الماضية.

تعكس حالة الطالب “عصام” وعائلته واقع التعليم في مناطق الشمال السوري، حيث يجد العديد من الطلاب وعائلاتهم أنفسهم أمام خيارات صعبة بسبب نقص المدارس العامة وارتفاع تكاليف التعليم الخاص.

هذا الواقع يضع التعليم، وهو حق أساسي للأطفال، في مهب الريح ويجعل من الضروري البحث عن حلول عاجلة لدعم القطاع العام وتعزيز وصول الأطفال إلى التعليم بشكل عادل ومستدام.

مقالات ذات صلة