مع اقتراب الموسم الدراسي في مدينة إدلب، أطلقت منظمة “بارقة أمل” النسائية حملة بعنوان “علمني”، تستهدف تخفيف العبء عن الأسر وتأمين الكتب المدرسية، تأتي هذه الحملة استجابة لمعاناة العديد من الأمهات، حيث يضطرون لإعادة استخدام الكتب المدرسية القديمة التي تحتوي على حلول مكتوبة من قبل الطلاب السابقين، إذ يجد الأطفال أنفسهم يميلون إلى إعادة نسخ الحلول السابقة دون فهم كامل للمحتوى، مما يؤثر سلباً على تحصيلهم الدراسي.
إلى جانب هذه المعاناة، تقف الظروف الاقتصادية الصعبة كعامل رئيسي في إطلاق هذه الحملة، فأغلب الأسر في المنطقة لديها عدة أطفال في المدرسة، ومع كلفة تجهيز كل طالب بما يقارب 10 دولارات للكتب و15 دولاراً للقرطاسية، بالإضافة إلى تكاليف الملابس والمستلزمات الأخرى، يصبح العبء على الأسر ثقيلًا، وصفه أحد الآباء: “بحمل تقيل يعجز عقله عن التفكير في كيفية تدبير كل هذه التكاليف”.
في ظل هذا الواقع، جاءت مبادرة “علمني” كمحاولة لمساعدة أهالي الطلاب وتقاسم العبء معهم، فالأسر التي لا تستطيع تأمين مستلزمات الدراسة لأبنائها قد تضطر إلى التركيز على تأمين الاحتياجات الأساسية كالغذاء والمأوى، مما يؤدي إلى تأجيل التعليم ومستلزماته.
بدأت الحملة بتبرعات من فريق “بارقة أمل” النسائية لتأمين الكتب لـ 400 طالب في إحدى المدارس، وكانت هذه المبادرة صدقة جارية عن روح السيدة رئيفة سميع، التي توفيت في زلزال شباط الماضي، كما توسعت الحملة لاحقاً لتشمل مدرسة أخرى تضم 600 طالب بفضل مساهمات المغتربين السوريين حسب ما أكدته منسقة الحملة “سوسن السعيد”.
وأضافت في حديثها إلينا، أن الحملة تعمل حالياً على توسيع نطاقها بعد التنسيق مع مديرية التربية لتنظيم العمل والتزود بالأعداد وزيادة التواصل مع أبناء المجتمع في الداخل والمهجر لضمان الاستمرار وزيادة المشاركة فيها.
تقول: إن “المجتمع في إدلب معروف بتعاونه ودعمه لبعضه البعض، وهو ما تعتبره الحملة عاملًا أساسياً في تحقيق النجاح، فالحملة تساهم في سد الفجوات التي يعاني منها المجتمع، وتعزز من قدرته على تحديد مسار التنمية من خلال توظيف إمكاناته وخبراته”.
في ظل التحديات الاقتصادية والمعيشية التي تواجهها الأسر في إدلب، تأتي حملة “علمني” كإحدى المبادرات الحيوية لدعم التعليم وتخفيف العبء عن الأهالي، إذ تتجلى روح التكافل في أبهى صورها، مؤكدين أن النهوض بالمجتمع يبدأ من دعم أجياله الشابة وتأمين مستقبلهم التعليمي، فهي ليست فقط مساعدة مادية، بل هي رسالة أمل بأن المستقبل يبنى بالتعاون والتكاتف، وأن التعليم هو السبيل للنهوض بالمجتمع رغم كل الصعوبات.