مع اقتراب فصل الشتاء، تتجدد المخاوف لدى أهالي المخيمات في شمال سوريا الذين يعيشون ظروفاً قاسية تفاقمها الصعوبات المادية ونقص الدعم الإنساني، في ظل التدهور المستمر للوضع الاقتصادي في المنطقة، يجد الآلاف من النازحين والمهجّرين أنفسهم في مواجهة شتاء قاسٍ دون تجهيزات مناسبة لمواجهة البرد القارس والفيضانات التي قد تضرب مناطقهم.
يعيش العديد من النازحين في خيام مهترئة تفتقر إلى العزل المناسب ضد الأمطار والثلوج، مما يضع العائلات في مواجهة مباشرة مع الظروف المناخية القاسية، يقول “أبو أحمد”، أحد سكان المخيمات في منطقة البردقلي شمال إدلب: “مع كل شتاء، نواجه خطر غرق الخيام وتسرب المياه داخلها، ولا نملك ما يكفي من المال لشراء المواد العازلة أو حتى بطانيات إضافية”.
مع تراجع المساعدات الإنسانية في السنوات الأخيرة، تزداد الأزمة صعوبة، فالمنظمات المحلية والدولية التي كانت تقدم المساعدات تواجه تحديات كبيرة في تأمين التمويل اللازم، مما أدى إلى نقص في توزيع الوقود للتدفئة، الملابس الشتوية، وحتى المواد الغذائية الأساسية.
تعرب “أم علي”، وهي مهجّرة من ريف حلب وأم لأربعة أطفال تعيش في أحد التجمعات السكنية، عن قلقها قائلة: “كنا نعتمد على مساعدات المنظمات، لكن هذا العام لا نعرف إن كنا سنحصل على أي شيء، نحن نواجه البرد والجوع في آن واحد”.
إلى جانب نقص الدعم، تتفاقم معاناة النازحين بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية نتيجة التضخم الاقتصادي، حيث تضاعفت أسعار الوقود والحطب المستخدم للتدفئة، مما جعل الحصول عليه شبه مستحيل للكثير من العائلات.
فضلاً عن تلك الصعوبات المعيشية، يزداد القلق من تفشي الأمراض التي عادةً ما ترافق هذه الظروف، فالرطوبة والبرد في الخيام غير المؤهلة قد تؤدي إلى انتشار أمراض الجهاز التنفسي، خاصة بين الأطفال وكبار السن، وقد أشار تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية إلى وجود ارتفاع ملحوظ في حالات الأمراض المرتبطة بالبرد بين سكان المخيمات في السنوات الماضية.
في ظل هذه الظروف المأساوية، يوجه النازحون نداءاتهم إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتكثيف الجهود وزيادة الدعم المقدم لهم، ويرى مراقبون أن الأزمة تتطلب استجابة سريعة وشاملة لتجنب كارثة إنسانية مع دخول فصل الشتاء، خاصة في ظل عدم وجود بوادر لحل سياسي قريب في سوريا.
في السياق ذاته، أظهر استبيان أجرته منظمة “منسقو استجابة سوريا” حول الاحتياجات الرئيسية في مخيمات شمال غرب سوريا مؤخراً، بالتزامن مع قرب حلول فصل الشتاء، أن 97% من النازحين يعانون من نقص حاد في مواد التدفئة، الاستبيان شمل نحو 72 ألف نازح موزعين على 456 مخيماً في إدلب وريف حلب، حيث أكدت النتائج أن 84% من المشاركين يرون ضرورة استبدال الخيام المتضررة، بينما شدد 91% على أهمية توفير عوازل حرارية لمواجهة برودة الشتاء، كما طالب 88% بضرورة إصلاح الطرقات المؤدية إلى المخيمات لتسهيل إيصال المساعدات والمواد الأساسية.
بالتوازي مع هذه المطالب، أكد 94% من المشاركين الحاجة الماسة لزيادة المساعدات الإنسانية في المخيمات، في ظل انخفاض القدرة الشرائية وتوقف المساعدات منذ بداية العام نتيجة توقف الدعم الخارجي.
كما دعا 92% إلى تحسين إمدادات المياه وترحيل النفايات بشكل مستمر، بينما أشار 85% إلى ضرورة توفير معدات إطفاء الحرائق، مع تزايد المخاوف من الحوادث الناجمة عن استخدام مواد غير صالحة للتدفئة.