تُعد دار السلامة لرعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة في شمال غربي سوريا، الملجأً الوحيد لمن لا مأوى لهم في المنطقة. تم إنشاء المركز بهدف رعاية هذه الفئة من الناس وتوفير مأوى وخدمات أساسية لهم. تقع الدار ضمن مخيم معبر باب السلامة الحدودي، إذ بدأت الفكرة في عام 2013 من خلال إنشاء خيمة “صيوان” كاستجابة عاجلة لاستقبال ثلاث حالات من الأشخاص الذين ليس لديهم معيل بسبب ظروف الحرب. هؤلاء الأشخاص كانوا بحاجة إلى رعاية خاصة تشمل تأمين الطعام، الشراب، الدواء، والمسكن.
مع مرور الوقت، بدأت الأعداد تتزايد، مما استدعى تحويل الخيمة إلى كتلتين مسبقتي الصنع “كرفانات”، وذلك لمواكبة الاحتياجات المتزايدة لنزلاء الدار، رغم الإمكانيات المحدودة المتاحة.
تُقدِّم الدار خدماتها لكافة الشرائح الموجودة، بما في ذلك كبار السن، مصابي الحرب، ذوي الاحتياجات الخاصة، وناجين من معتقلات النظام الذين يعانون من أوضاع صحية سيئة أو فاقدي الذاكرة، والذين لم يتمكنوا من العثور على عوائلهم.
في مطلع عام 2018، ومع موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها مناطق ريف إدلب الجنوبي، توسعت الدار لتلبية الحاجة المتزايدة، حيث تم بناء أربع غرف إضافية لاستيعاب 28 نزيلاً من الفئات السابقة. واليوم، تستقبل الدار نحو 40 شخصاً موزعين في تسع غرف، ويتم تقديم خدمات الرعاية الذاتية، الصحية والطبية لهم.
يقول “جعفر نجار”، المسؤول عن دار السلامة لرعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، في حديثه إلينا: إنه بالرغم من أهمية الدور الاجتماعي الذي تقوم به الدار، إلا أنها تعاني من انعدام الدعم من أي جهة إنسانية أو إغاثية بسبب السياسات المانحة التي لا تشمل مثل هذه المشاريع.
ويضيف “النجار” مستذكراً آخر حالة استقبلتها الدار، وهي لرجل مسن يعاني من عدة أمراض منها احتشاء القلب ومرض السل. كان هذا الرجل موجوداً عند أحد الدورات العامة في مدينة سرمدا، وكانت قد انتشرت حالته على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ تم نقله من قبل الدار إلى المشفى لتلقي العلاج، لكنه توفي بعد أسبوع تقريباً بسبب تدهور حالته الصحية.
أعرب “النجار” عن حزنه الشديد تجاه هذه الحالات التي لا تجد من يهتم بها، مشيراً إلى أن دار السلامة تسعى لتكون ملاذاً آمناً لهذه الشريحة الضعيفة والمهمشة اجتماعياً، مؤكداً أن هؤلاء الأشخاص هم مسؤولية المجتمع بأسره.
في ظل تزايد أعداد المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة في سوريا، تبقى دار السلامة نموذجاً نادراً للمبادرات الإنسانية التي تهدف لرعاية هذه الفئات المهمشة. ومع غياب الدعم الدولي، تتعاظم المسؤولية على المجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة اللازمة لهؤلاء الذين يعانون بصمت.