أفادت صحيفة “الوطن” الرسمية التابعة للنظام السوري بوصول قرابة ألفي لبناني إلى الأراضي السورية خلال يوم واحد، مع وجود عدد مماثل بانتظار استكمال إجراءات الدخول، يأتي هذا التوافد بالتزامن مع عودة نحو ثلاثة آلاف مواطن سوري من لبنان بسبب التصعيد العسكري الذي يشهده جنوب البلاد في الأيام الأخيرة.
وقدّمت الحكومة السورية، بتوجيهات مباشرة من محافظ دمشق، تسهيلات واسعة للبنانيين لدخول الأراضي السورية، متجاوزةً فرض أي مبالغ مالية، وهو ما أثار استياءً في الأوساط السورية، يأتي هذا الاستثناء في وقت يُلزم فيه المواطنون السوريون العائدون بدفع مبلغ 100 دولار كشرط لدخول بلدهم، وهو إجراء أثار تساؤلات عديدة حول المعايير المزدوجة التي يتبعها النظام.
كانت زيارة المحافظ إلى المناطق الحدودية بمثابة رسالة على تقديم كل ما يلزم لتسهيل حركة دخول اللبنانيين، وقد شملت التسهيلات تأمين مراكز إيواء واسعة للوافدين، تضمنت تجهيز خمسة مراكز في محافظة حمص قادرة على استقبال 40 ألف شخص، بالإضافة إلى تسعة مراكز احتياطية تتسع لـ25 ألف آخرين، وتوفير كل ما يحتاجه النازحون من خدمات أساسية مثل المياه والكهرباء والمرافق الصحية.
أثار هذا التعامل المتباين جدلاً واسعاً بين السوريين، حيث تساءل ناشطون عن إمكانية إلغاء شرط تصريف مبلغ 100 دولار للسوريين العائدين من لبنان، خصوصاً في ظل الظروف القاسية التي يواجهونها، في المقابل، يحصل المواطنون اللبنانيون على تسهيلات متعددة دون الحاجة إلى دفع أي مبالغ مالية أو الانتظار في طوابير طويلة على الحدود.
يعود قرار فرض تصريف 100 دولار إلى العام 2020، عندما قرر النظام السوري فرضه على كل مواطن سوري أو من في حكمه كشرط لدخول البلاد، جاء هذا القرار في إطار إجراءات اقتصادية تقول الحكومة إنها تهدف إلى تعزيز احتياطي العملات الأجنبية، إلا أن تأثيره على السوريين العائدين من مناطق الحروب، مثل لبنان، يشكّل عبئاً إضافياً عليهم، خاصة عند مقارنته بالتسهيلات الممنوحة للأجانب.
من الناحية الإنسانية، تثير هذه المعايير المزدوجة تساؤلات حول مدى اهتمام الحكومة السورية بحقوق مواطنيها في الخارج، خاصة في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والمعيشية، يتعرض العائدون لضغوط إضافية بسبب هذا الإجراء، حيث يضطر كثيرون إلى الاستدانة أو البحث عن بدائل لدفع المبلغ المفروض عليهم، في وقت يتزايد فيه النزوح نتيجة الأوضاع الأمنية المتدهورة في لبنان.
من الناحية الاقتصادية، يسعى النظام من خلال هذا القرار إلى تعزيز احتياطاته النقدية المتناقصة من جيوب المواطنين، مما يخلق أزمة إنسانية جديدة، حيث يجعل من عودة السوريين إلى بلادهم أمراً مكلفاً وغير ميسر، بينما يستفيد اللبنانيون من تسهيلات الدخول والإقامة في مراكز الإيواء المجهزة، يجد السوريون أنفسهم مضطرين لتحمل المزيد من المصاعب.
في ظل هذا المشهد، يظل السؤال الأبرز يدور حول مدى جدية النظام السوري في توفير حماية ودعم حقيقيين لمواطنيه العائدين من مناطق النزاع، يبقى من الضروري مراجعة سياسات التمييز هذه، خاصة تلك التي تؤثر على شرائح واسعة من السوريين الذين يسعون للعودة إلى وطنهم.