العمال في إدلب.. حقوق مهدورة واستغلال متزايد

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في الشمال السوري، وخاصة في إدلب وريفها، يواجه العمال استغلالاً متزايداً في سوق العمل نتيجة وفرة اليد العاملة وقلة فرص العمل، هذه العوامل جعلت أصحاب الأعمال يفرضون أجوراً زهيدة لا تتناسب مع الجهد المبذول في الأعمال الشاقة، وسط غياب شبه كامل للنقابات العمالية التي من المفترض أن تدافع عن حقوقهم.

“محمد”، شاب في أوائل العشرينيات من عمره، يعمل في أحد المخابز في ريف إدلب منذ أكثر من عام، يقول إن يومه يبدأ من الفجر ولا ينتهي إلا مع حلول المساء، وسط حرارة الأفران المرتفعة والعمل المتواصل، مقابل أجر لا يتعدى 150 ليرة تركية يومياً (ما يعادل حوالي 5 دولارات).

ويضيف أن “العمل في المخبز شاق للغاية، ولا أتوقف إلا للحظات قليلة لأخذ قسط من الراحة. ومع ذلك، الأجر لا يكفي لتغطية احتياجاتي الأساسية أو حتى تأمين قوت يومي”.

تُعد أجور العمال في إدلب وريفها من أدنى الأجور في سوريا، حيث يتراوح الأجر اليومي للعامل بين 150 إلى 200 ليرة تركية (أي أقل من 7 دولارات يومياً)، بغض النظر عن نوعية العمل أو عدد ساعاته، ويزداد الوضع سوءاً مع أعمال البناء والإنشاءات، التي تتطلب مجهوداً بدنياً مضنياً في ظروف صعبة، ومع ذلك لا تتجاوز أجور العاملين فيها 200 ليرة تركية يومياً.

“عبدو”، شاب في الثلاثينيات من عمره، يقيم في ريف إدلب وهو أب لثلاثة أطفال، يعمل في مجال البناء، يقول: “نبدأ العمل من الصباح الباكر حتى ساعات العصر، نقوم بأعمال شاقة مثل رفع الطوب، ومزج الأسمنت، وبناء الجدران، ومع ذلك لا نحصل إلا على أجور بالكاد تكفي لشراء بعض الحاجيات الأساسية”، ويشير إلى أن بعض أصحاب العمل يستغلون الوضع ويماطلون في دفع الأجور أو يخصمون مبالغ دون سبب مبرر.

تكثر قصص الاستغلال وسط افتقار مناطق الشمال السوري إلى وجود نقابات عمالية حقيقية تدافع عن حقوق العمال وتضمن لهم الحد الأدنى من الأجور، ويُعد غياب تلك النقابات عاملاً أساسياً في استغلال العمال من قِبَل أرباب العمل، حيث لا توجد جهة رسمية تحميهم أو تدافع عن حقوقهم.

يؤثر هذا الاستغلال بشكل مباشر على مستوى معيشة العمال وأسرهم، حيث يدفع الكثير منهم للعمل لساعات أطول على حساب صحتهم وحياتهم الشخصية فقط لتأمين احتياجاتهم اليومية، كما يُجبر البعض الآخر على إرسال أطفالهم للعمل لمساعدتهم في تأمين دخل إضافي، مما يؤدي إلى تدهور أوضاع الأسر وزيادة انتشار الفقر.

تتحدث “أم خالد”، وهي أم لخمسة أطفال، عن معاناتها: “زوجي يعمل في صيانة السيارات، وراتبه اليومي لا يتجاوز 175 ليرة تركية، لا يكفي لدفع إيجار البيت وشراء الطعام، فاضطررت لإرسال ابني البالغ من العمر 12 عاماً للعمل في أحد المحلات ليساعدنا”.

في ظل غياب الحماية القانونية والاقتصادية للعمال في الشمال السوري، تبرز الحاجة إلى تشكيل نقابات عمالية محلية للدفاع عن حقوق العمال وتحديد الحد الأدنى من الأجور بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية وغلاء المعيشة، كما يمكن للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية المساهمة في تحسين أوضاع العمال من خلال برامج دعم تستهدف توفير فرص عمل عادلة وتحسين ظروف العمل.

مقالات ذات صلة