تشهد مناطق إدلب وحلب في شمال غربي سوريا، موجة نزوح جديدة مع اقتراب الشتاء، يأتي ذلك نتيجة استمرار القصف، المكثف على المدنيين من قبل قوات النظام السوري وحليفه الروسي، باستخدام الصواريخ الفراغية والموجهة والطائرات المسيرة الانتحارية.
هذه الهجمات المستمرة زادت من معاناة النازحين، يواجه هؤلاء صعوبات هائلة في تأمين احتياجاتهم الأساسية.
نزوح نحو الحدود التركية:
عشرات العائلات من القرى الواقعة بالقرب من خطوط التماس، نزحت باتجاه المناطق الحدودية مع تركيا، هربًا من القصف والاستهداف المباشر، شهدت هذه المناطق تصعيدًا عسكريًا في الآونة الأخيرة.
شمل ذلك قصف مدينة سرمين وقرى آفس والنيرب ومصيبين، كما تعرضت القرى الواقعة في جبل الزاوية، القريبة من معرة النعمان، للقصف، ما دفع مئات العائلات للفرار بحثًا عن الأمان.
ومع تصعيد جديد استهدف مناطق غربي مدينة إدلب ومحيطها، وخاصة أطراف مدينة معرة مصرين، تفاقمت حركة النزوح للعائلات القريبة من تلك المواقع، من بين هؤلاء النازحين، عائلة الشاب “بلال محمد”، التي كانت تقيم في (كرفان) غرب مدينة إدلب، اضطرت إلى النزوح المؤقت نحو أقاربهم في دير حسان بريف إدلب الشمالي.
يروي “بلال” كيف عاش أطفاله الثلاثة حالة من الذعر والخوف ليلة القصف الروسي. كان الهجوم قريبًا جدًا من مسكنهم، ما دفعه لاتخاذ قرار النزوح الفوري لتجنب تكرار المأساة.
القصف المتواصل للأحياء السكنية والأراضي الزراعية في ريفي إدلب وحلب دفع مئات العائلات للنزوح نحو مناطق أكثر أمانًا نسبيًا، أو إلى المخيمات البعيدة عن خطوط الجبهة.
وفقًا لبيان صدر عن فريق “منسقو استجابة سوريا” بتاريخ 15 تشرين الأول 2024، فإن استمرار التصعيد العسكري أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، معظمهم من الأطفال والنساء، وسط مخاوف متزايدة من تفاقم التصعيد وتزايد أعداد النازحين.
ويحذر الفريق من أن المنطقة، غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من النازحين، يوجد الآلاف من المدنيين الذين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم بسبب سيطرة النظام السوري على قراهم، واستمرار القصف اليومي على كافة المناطق، مما يبقيهم في حالة من التشرد في المخيمات.
استهداف مستمر يزيد من حركة النزوح ويخلف ضحايا
في سياق متصل، أدان الدفاع المدني السوري المجزرة، التي ارتكبتها الطائرات الحربية الروسية يوم 16 تشرين الأول، استهدفت ورشة للمفروشات الخشبية ومعصرة زيتون على أطراف مدينة إدلب، أسفرت عن مقتل 10 مدنيين وإصابة 32 آخرين بجروح خطيرة، كما أسفر قصف صاروخي، مصدره مناطق سيطرة قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية، عن إصابة 6 مدنيين، بينهم 4 أطفال، في قرية المحسنلي شرقي حلب.
وبحسب إحصائية صادرة عن “الدفاع المدني السوري”، استجابت الفرق منذ بداية العام وحتى نهاية أيلول الماضي لـ 698 هجومًا من قوات النظام وروسيا، أسفر ذلك عن مقتل 66 مدنيًا، بينهم 18 طفلاً و8 نساء. كما أصيب 272 مدنيًا، بينهم 110 أطفال و34 امرأة.
في ظل استمرار التصعيد العسكري وتفاقم الأوضاع الإنسانية، يواجه النازحون في الشمال السوري شتاءً قاسيًا مع نقص حاد في المساعدات والاستجابة الدولية، تبقى المجتمعات المحلية في الشمال بحاجة ماسة إلى دعم إنساني عاجل لتخفيف المعاناة، كما يضمن ذلك البقاء بعيدًا عن خطر الموت نتيجة القصف أو الظروف القاسية في المخيمات.