خطوات لمواجهة التغير المناخي في الشمال السوري

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

في ظل التحديات المتزايدة التي يفرضها تغير المناخ على مختلف مناطق سوريا، وخاصة في شمالي غربي سوريا، باتت المبادرات التوعوية تمثل خطوة أساسية نحو بناء وعي بيئي شامل بين السكان المحليين لمواجهة التحديات المعقدة لتغير المناخ في المنطقة إضافة إلى دور العوامل البشرية في إحداث أضرار بيئية منها قطع الأشجار الجائر وقلة المساحات الخضراء على حساب الأبنية والعمران نتيجة الكثافة السكانية العالية في الشمال السوري، فضلاً عن الغازات السامة الأبخرة المنبعثة سواء من حرق النفايات أو الحرائق المشتعلة بين الحين والآخر أو حوادث الحريق في حراقات النفط البدائية.

البرنامج السوري للتغير المناخي:

ولمواجهة هذه التحديات وتعزيز التكيف المجتمعي مع آثار تغير المناخ يأتي البرنامج السوري للتغير المناخي (SPCC) كإحدى أبرز المبادرات الهادفة في الشمال السوري، والذي تأسس عام 2023، وانطلق مع بداية 2024 في تنفيذ أنشطته، إذ يعد نموذجًا مبتكرًا يجمع بين التخفيف من آثار تغير المناخ، والتكيف مع هذه الآثار، بالإضافة إلى إشراك المجتمع في جهود العمل المناخي، وفقًا لما صرح به المسؤول الإعلامي في البرنامج لمراسلة SY24.

ممارسات بيئية آمنة وإدارة مستدامة للموارد:

وأضاف أن البرنامج يركز بشكل أساسي على تمكين المجتمع المحلي، وخاصة النساء والشباب، من خلال حملات التوعية وورش العمل لبناء القدرات إذ يعمل البرنامج على تنفيذ ممارسات آمنة لحماية البيئة  كأحد المحاور الرئيسية في استراتيجياته لمواجهة تغير المناخ، وركز البرنامج خلال مبادرته الحالية عبر وسائل التواصل الاجتماعي على طرح قضايا بيئية مهمة موجودة في الشمال السوري من بينها لفت النظر إلى المخاطر المحيطة بالغابات حيث تحولت مساحات واسعة من الغابات الخضراء إلى أراضي جرداء قاحلة.

وشهدت الغابات والمناطق الحراجية في شمال سوريا تحولات بيئية جذرية بين 2014 و2023، وفقًا لخرائط “غوغل إيرث” نشر البرنامج فيديو من إعداده للتغير المناخي ظهرت خلاله التحولات لتراجع المساحات الخضراء وتدهور الغطاء النباتي، وهو ما يعرض هذه الغابات لخطر الاندثار إذا لم تتخذ إجراءات لحمايتها.

إضافة إلى التصحر والمساحات الجرداء، تأثرت المنطقة في شمال غربي سوريا بالحراقات البدائية لتكرير النفط التي تتركز في مناطق عدة، حيث يوجد قرابة 1200 حراقة بدائية في ترحين بريف حلب الشرقي، تتسبب في تلوث الهواء والتربة بسموم خطيرة وغازات كبريتية تهدد الإنتاج الزراعي وصحة العاملين، في ظل غياب الرقابة، وكان فريق الدفاع المدني السوري قد أخمد نحو 283 حريقاً في مناطق شمال غربي سوريا، خلال شهر أيلول الفائت، منها 15 حريقاً في محطات بيع وتكرير الوقود، إذ تؤدي هذه الظواهر بشكل مباشر إلى مخاطر بيئية وصحية كبيرة، تولى البرنامج السوري عبر مبادرته وحملاتها التوعوية تسليط الضوء عليها.

يوضح “زاهر هاشم” كاتب وصحفي متخصص بقضايا البيئة والمناخ في حديث خاص لمنصة SY24، أهمية المبادرات التوعوية حول قضايا البيئة والمناخ، بقوله: إنها “تلعب دوراً حيوياً في تثقيف الأفراد والمجتمعات تجاه المشاكل البيئية والمناخية التي تهدد سبل العيش وتوضيح تأثيراتها على البيئة والاقتصاد والصحة العامة، وارتباطها بقضايا وحقوق أساسية مثل الصحة والتعليم والعيش الكريم والعمل اللائق وحقوق المرأة والطفل”.

ولفت إلى أهمية نشر المعلومات الصحيحة والتوعية بجوهر المشاكل البيئية والمناخية في مساعدة الأفراد والمؤسسات على تحفيز تبني ممارسات أكثر استدامة والضغط على صناع القرار لتبني سياسات فاعلة تجاه هذه القضايا، مؤكداً أنه كلما زاد وعي الناس بحجم الكارثة المناخية والتأثيرات المدمرة لها زادت احتمالية اتخاذهم إجراءات للحد من استهلاك الموارد، ووقف الممارسات الخاطئة التي تلوث البيئة وتدمر عناصرها الرئيسية كالهواء والمياه والتربة.

التمكين المجتمعي:

أما على مستوى رفع الوعي المجتمعي، فإن البرنامج يواصل تنظيم حملات توعوية متنوعة، منها تصميم شرائح توعوية توضح آثار التغير المناخي على المستقبل، بالإضافة إلى إنتاج فيديوهات قصيرة تسلط الضوء على الظواهر البيئية المحلية، وكتابة أبحاث، وتنظيم مسابقات تصوير بيئية تهدف إلى إشراك المجتمع في فهم وتحليل التغيرات المناخية وتأثيرها على المنطقة.

رفع الوعي المجتمعي:

بهذه الجهود، يسعى البرنامج السوري للتغير المناخي إلى تعزيز المعرفة البيئية وتحفيز الأفراد والمؤسسات على اتخاذ خطوات عملية للتعامل مع التحديات المناخية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على تحسين القدرة المجتمعية على مواجهة هذه التغيرات، وضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة في الشمال السوري.

يعد هذا البرنامج مبادرة رائدة في سوريا، مما يدل على نهج مبتكر وشامل لمواجهة التحديات الملحة التي يفرضها تغير المناخ من خلال دمج المعرفة العلمية، وإشراك أصحاب المصلحة، وممارسات الإدارة التكيفية، تهدف SPCC إلى أن تكون بمثابة نموذج للتنمية المستدامة والقدرة على التكيف مع المناخ في المنطقة.

في الختام يشير “زاهر” إلى أنه من خلال التثقيف وتوفير المعلومات حول مصادر التلوث المختلفة والممارسات الخاطئة التي تمارس في المنطقة مثل الحرق البدائي للنفط أو حرق البلاستيك، وآثارها على صحة الإنسان والبيئة، يمكن للمبادرات التوعوية أن تحقق تغييراً حقيقياً في سلوكيات الأفراد وممارساتهم وحتى التأثير على أصحاب القرار لسن قوانين وتشريعات تحد من هذه الممارسات وتحاسب عليها.

مقالات ذات صلة