في عالم مليء بالتحديات، تصبح قصص النجاح التي تنبع من بيئات صعبة مصدر إلهام للكثيرين، ورغم الظروف القاسية التي قد يمر بها الأفراد، يبقى الإصرار والتكيف مع الواقع المفروض عاملين حاسمين لتحقيق الأهداف والطموحات، تُعد قصة أماني، الشابة السورية التي بدأت رحلتها في مجال تصميم الجرافيك منذ سن مبكرة، مثالاً حيًا على كيفية تحويل التحديات إلى فرص، وكيف يمكن للإبداع أن يشق طريقه حتى في أحلك الظروف.
من تركيا إلى إدلب، رحلة أماني في مجال تصميم الجرافيك:
أماني، شابة تبلغ من العمر 22 عامًا، تروي قصتها التي بدأت منذ سن الـ 16، في مجال تصميم الجرافيك، درست وتخرجت من “معهد الحياة التخصصي” في تركيا عام 2019 بعد حصولها على دبلوم في تصميم الجرافيك، لكن رحلتها لم تكن مجرد رحلة دراسية، بل كانت مليئة بالتجارب والخبرات التي ساعدتها في شق طريقها في سوق العمل، التحقت بعدة دورات في التسويق والتطوير، وتعلمت كيفية التعامل مع الشركات، مما مكنها من دخول هذا المجال بكل ثقة.
قبل عامين، وجدت أماني نفسها تعيش تغيرًا كبيرًا، حيث انتقلت مع عائلتها إلى مدينة إدلب، تلك المدينة التي عانت وما زالت تعاني من تبعات الحرب، تأتي أماني من أسرة متأثرة بشكل مباشر بالحرب فقد فقدت أربعة خلال الصراع، على الرغم من هذه الخسارات، بقيت عائلتها مصدر الدعم والفخر، يشجعونها دائمًا على المضي قدمًا وتحقيق المزيد من النجاحات.
لم يكن الانتقال إلى إدلب بالأمر السهل، تقول الشابة في حديثها إلينا: “المقارنة بين فرص العمل في تركيا وبين ما وجدته في إدلب كانت شديدة الصعوبة”، كذلك كانت الظروف المعيشية المتفاوتة تشكل تحديًا آخر لكن بإصرارها وإيمانها، استطاعت “أماني” أن تتأقلم وتخلق فرصًا لنفسها، حيث أسست مشروعها الخاص تحت اسم “شركة إبداع للخدمات الرقمية”، تقدم الشركة كل ما يتعلق بتصميم الجرافيك، بدءًا من تصميمات وسائل التواصل الاجتماعي وصولًا إلى المطبوعات بأنواعها المختلفة.
التصميم الجرافيكي، فن التواصل البصري ورحلة أماني نحو النجاح:
التفرد في مجال التصميم جعلت تصاميمها تلقى قبولًا واسعًا بين أصحاب الشركات، حيث لفتهم أسلوبها الفريد الذي يمزج بين الوضوح، الجودة العالية، وإيصال الفكرة بأسلوب بسيط مبتكر، كانت تلك اللمسة “الغربية” حسب وصفها التي تضيفها على تصاميمها عنصر جذب رئيسي، مما جعل تصاميمها تبدو غير مألوفة ومميزة في آن واحد.
يعد تصميم الجرافيك فن التواصل البصري الذي يعتمد على دمج الصور، الألوان، النصوص، والأشكال لنقل رسالة معينة أو تعزيز فكرة أو علامة تجارية، يعد هذا المجال أحد أهم أدوات التسويق والترويج في العصر الحديث، إذ يستخدم المصممون الجرافيكيون إبداعاتهم لتحويل الأفكار إلى تصاميم بصرية ملفتة تجذب الانتباه وتترك أثرًا.
يشمل تصميم الجرافيك العديد من الفروع مثل تصميم الشعارات، المطبوعات، تصاميم وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلانات التجارية، ويعتمد بشكل كبير على برامج التصميم مثل “أدوبي فوتوشوب” و”إليستريتور” وغيرها، ويلعب التصميم الجرافيكي دورًا محوريًا في العديد من المجالات، من الإعلانات إلى تصميم الويب والهوية البصرية للشركات.
مع مرور الوقت، توسع عمل “أماني” وتمكنت من فتح مكتب صغير في إدلب وجلبت فريقًا متخصصًا في التصوير وإدارة صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، مما ساعدها في تقديم خدمات أكثر تنوعًا وشمولية، نجاحها في هذا المجال لم يكن مجرد نجاح فردي، بل كان أيضًا رسالة أمل للكثيرين في المنطقة، خاصة النساء اللواتي يبحثن عن فرص للتعبير عن إبداعهن وتحقيق أحلامهن في ظل ظروف صعبة.
تعد قصة أماني مثالًا حيًا للإرادة الصلبة والتكيف مع الظروف مهما كانت قاسية، بفضل دعم عائلتها وموهبتها وإصرارها على النجاح، استطاعت أن تتخطى التحديات وتصبح واحدة من أبرز المصممات في إدلب، مقدمة نموذجًا يحتذى به للجيل الشاب، خاصة للنساء اللاتي يحلمن بصنع مستقبل مشرق في مجتمع ما زال يكافح من أجل الاستقرار.